وقال تايلور إن قادة كل من بريطانيا، وأستراليا، واليابان، وصولًا إلى المملكة العربية السعودية، والذين قرروا المراهنة على الرئيس الأمريكي الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، ربما يتساءلون فيما بينهم عما إذا كانوا قد قاموا برهان خاسر.
وأوضح الكاتب، البريطاني الأصل، استنادا لفريق العمل، ل “ساسة بوست: التي ترجمت المقال، أن الفضيحة الحالية في الولايات المتحدة حول مكالمة ترامب الهاتفية، في يوليو ز الماضي، مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أثارت موجة من مطالبات عزل ترامب، إذ يجادل الديمقراطيون بأن المكالمة الهاتفية – التي قال فيها الرئيس الأمريكي إنه يتعين على زيلينسكي فتح تحقيق جنائي ضد ابن أحد منافسيه – جو بايدن المرشح الديمقراطي الأوفر حظًّا في منافسته بانتخابات الرئاسة الأمريكية 2020- ترقى إلى مستوى إساءة استخدام منصبه.
وأشار الكاتب إلى أن البعض في أوكرانيا انتقد محاولات زيلينسكي لاسترضاء ترامب خلال المحادثة، ونقل عن أوليكسي هونشارينكو، عضو حزب الرئيس الأوكراني السابق بترو بوروشينكو، قوله لواشنطن بوست «نحن الآن جزء من الانتخابات الأمريكية، وأنا لا أحب ذلك، أوكرانيا لديها ما يكفيها من المشاكل».
وقال الكاتب إن زيلينسكي – وهو سياسي مبتدئ صنع اسمه مثل ترامب من برنامج تلفزيوني- يبدو صامدًا حتى الآن في مواجهة هذه الانتقادات، لكن الفضيحة حول محادثة ترامب الخاصة معه، أثارت المزيد من التدقيق في العلاقات بين إدارة ترامب وحلفاء أجانب آخرين مقربين من الرئيس الأمريكي.
وتابع أن وزير العدل الأمريكي ويليام بار، كان يضغط على حلفاء أجانب مثل بريطانيا، وأستراليا، وإيطاليا، للحصول على معلومات قد تضعف مصداقية تحقيق وكالات الاستخبارات الأمريكية في وجود علاقات محتملة بين روسيا وأعضاء حملة ترامب خلال انتخابات عام 2016.
ترامب خطر سياسي حقيقي على أي حليف أجنبي
وذكر أن هناك تقارير تفيد بأن ترامب ضغط على رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، للحصول على معلومات منهما.
مؤكدًا أن كلًّا من جونسون وموريسون قد سعى للحفاظ على علاقات جيدة مع ترامب، على الرغم من أن الرئيس الأمريكي لا يحظى بشعبية في بلديهما، إذ تشير استطلاعات أجراها مركز بيو للأبحاث العام الماضي أن 32% فقط من الأستراليين و28% من البريطانيين قالوا إنهم يثقون في ترامب، معتبرًا أن إظهار الخضوع لمثل هذا الشخص الذي لا يحظى بشعبية، يمثل خطرًا سياسيًّا حقيقيًّا لأي حليف أجنبي، خاصة في بريطانيا وأستراليا وإيطاليا، حيث تكافح الحكومات هناك بالفعل للحفاظ على استقرارها وشرعيتها.
وأوضح آدم تايلور في مقاله أن الرحلات الخارجية التي يقوم بها بار ومحامي ترامب الشخصي رودولف جولياني، ليست هي فقط التي يجب أن تقلق الحلفاء الأجانب، إذ إن التقلبات المفاجئة لسياسة الرئيس الأمريكي، وميله إلى التبديل بين الإطراء والتهديدات جعلت بعض الحلفاء يتساءلون مؤخرًا عن موعد نفاد حظهم.
حلفاء ترامب العرب سيخسرون الكثير
وبالنسبة لحلفاء ترامب العرب، أشار تايلور إلى أن السعودية والإمارات، وهما من أوائل الداعمين الأجانب والأكثر حماسة لإدارة ترامب، وجدتا أنهما عالقتان بين استعداد الرئيس الأمريكي للمخاطرة بنشوب صراع مع إيران، وحرصه على عقد قمة مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وذكر أن محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، ابتعد مؤخرًا – خلال مقابلة أجراها مع برنامج «60 دقيقة» الذي تذيعه شبكة «سي بي إس نيوز» الأمريكية- عن دعم المواجهة العسكرية مع إيران، كما أن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية قال، يوم الاثنين، إن السعودية قد بعثت برسائل إلى الرئيس الإيراني عبر زعيم دولة أخرى.
وتأتي هذه الخطوات في أعقاب قرار الإمارات بالانسحاب من الحرب في اليمن، حيث تحارب الحوثيين المدعومين من إيران.
وأضاف مراسل «واشنطن بوست» أن كلًّا من الرياض وأبوظبي توددتا إلى إدارة ترامب بتقديم دعم جغرافي سياسي وترتيبات تجارية ملائمة للولايات المتحدة، ولكن عندما احتدمت الأمور – كما في حالة الهجوم على منشآت النفط السعودية الشهر الماضي- أصبح من الواضح أن لديهما الكثير لتخسراه أكثر من الولايات المتحدة في النزاع مع إيران.
خيبة أمل في كوريا الجنوبية واليابان
في الشرق الأقصى أيضًا تُعلن مواقف مشابهة، حيث تشعر كل من كوريا الجنوبية واليابان بخيبة أمل بسبب مفاوضات ترامب مع كوريا الشمالية، وإن كان ذلك لأسباب متعارضة.
وأشار الكاتب إلى أن إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ باليستي، يوم الأربعاء، ربما من غواصة، يمكن فقط أن يزيد الشعور بالقلق لكلا البلدين، مع استئناف محادثات واشنطن وبيونج يانج، نهاية هذا الأسبوع.
وأوضح أن رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي»، دفع «ترامب» للحفاظ على نهج متشدد تجاه كوريا الشمالية، دون نجاح يذكر، إذ إن كوريا الشمالية ما تزال تختبر الصواريخ، وسقطت عملية الإطلاق التي جرت يوم الأربعاء في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان.
في المقابل، دفع رئيس كوريا الجنوبية «مون جاي- إن» لإجراء محادثات، لكن الخلاف الذي يبدو مستعصيًا حول العقوبات الأمريكية، ونزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، إلى جانب المخاوف الأمنية الوطنية لبلاده، ساعد في خفض نسبة تأييده إلى النصف.
نتنياهو رأى ترامب وهو ينأى بنفسه عنه
حتى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بصفته حليفًا لترامب، وجد أن صداقة الزعيم الأمريكي قد تكون عابرة. إذ راقب نتنياهو بقلق تواصل ترامب مع إيران، ومع تصاعد الضغوط السياسية الداخلية على نتنياهو، رأى ترامب ينأى بنفسه عنه بعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة.
ورأى الكاتب أنه لا يمكن إلقاء اللوم على الدول الأجنبية لمحاولتها التحالف مع ترامب، إذ تظل الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم، وبطريقة أو بأخرى يتوجب على جميع قادة العالم التعامل مع الرئيس، ومن المنطقي محاولة فعل ذلك بطرق ودية.
وأوضح أن اتخاذ موقف المواجهة يمكن أن يكون مُضرًّا أيضًا، فمن المرجح أن يضرب الرئيس الأمريكي الاتحاد الأوروبي – وهو هدف متكرر لغضب ترامب- برسوم جمركية على ما يقرب من 7.5 مليار دولار من صادرات الاتحاد الأوروبي سنويًّا بعد حكم منظمة التجارة العالمية يوم الأربعاء الماضي، في قضية استمرت 15 عامًا رفعتها الولايات المتحدة بحجة دعم الاتحاد الأوروبي لشركة إيرباص لصناعة الطائرات بشكل غير مشروع، كما أن القادة الأجانب الذين وقفوا في وجه ترامب، مثل رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يعانون من مشاكلهم الداخلية.
دول تتجنب التعامل مع ترامب
وأضاف مراسل «واشنطن بوست» أن بعض منافسي الولايات المتحدة تخلوا في النهاية عن التعامل مع إدارة ترامب، إذ قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إن نشر نسخة من محادثة ترامب السرية مع زيلينسكي، يظهر مخاطر إجراء محادثات مع الولايات المتحدة.
واختتم تايلور مقاله بالتطرق إلى الصين، عدو السياسة الخارجية لترامب، التي انتقلت مؤخرًا إلى سياسة انتظار نهاية إدارته بدلًا من محاولة التعامل معها، مشيرًا إلى أنها قد ينتهي بها المطاف كأحد الفائزين من الفضائح التي تعصف بترامب.
ويقول المحللون إن الضغط على ترامب قد يدفعه إلى قبول «صفقة غير كاملة»، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن حسين سيد من شركة «FXTM» لتداول الأوراق المالية. وأشار إلى أن بكين راهنت على أن ترامب سينهي ولايته الأولى في حالة ضعف، وهذا الرهان يبدو أكثر حكمة يومًا بعد آخر.
المصدر: ساسة بوست