“كورونا”.. “الفيروس الغامض” المثير للقلق
أثارت سلالة جديدة غامضة من فيروس “كورونا” حالة قلق شديد عمّت مختلف بلدان العالم، وخاصة الدول المجاورة للصين، حيث اكتشف الداء قبل ثلاثة أسابيع، وهي مدّة لقي خلالها 17 شخصا حتفهم من ضمن مئات أصيبوا بالفيروس المذكور.
منظمة الصحة العالمية بدأت تنسّق الجهود للحيولة دون انتشار هذا الوباء في جميع أنحاء العالم تجنباً لتكرار ما حصل في العام 2002 حينما تفشّى فيروس “سارس” في مناطق متفرقة من العالم متسبباً بموت مئات الأشخاص.
كم يبلغ عدد المصابين بالفيروس الجديد؟
أعلنت السلطات الصينية أنّ ثمّة 400 شخصاً أصيبوا بالفيروس الجديد، بين 31 ديسمبر الماضي وبين 22 يناير الجاري.
وأبلغت تايلاند عن إصابة شخصين بالفيروس، فيما أصيب شخص في اليابان، وآخر بكوريا الجنوبية وثالث في تايوان، والمصابون الثلاثة كانوا زاروا الصين مؤخراً، حسبما أعلنت طوكيو وسيؤول وتايبي، أما خارج آسيا، فقد أبلغت الولايات المتحدة عن أول إصابة شخص بالفيروس، مشيرة إلى أن هذا المصاب كان عاد مؤخراً من مدينة ووهان الصينية.
من أين أتى الفيروس؟
تم الإبلاغ عن معظم الحالات في مدينة ووهان التي يقطنها نحو 11 مليون نسمة، وقال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، في بيان له: إن “غالبية حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي (جرّاء الفيروس)، أفادوا بأنهم زاروا مدينة ووهان، كما أنّهم ذهبوا إلى سوق “هونان” للمأكولات البحرية والأسماك، قبل ظهور المرض.
ووفق بيان المركز الأوروبي، فإن بعض المصابين بفيروس كورونا أبلغوا عن زيارتهم لأسواق أخرى في ووهان، فيما أكّد مصابون آخرون أنّهم زاروا المدينة لكنّهم لم يزوروا أسواق المدينة قط.
ما هي أعراض الإصابة؟
يتسبب فيروس كورونا الجديد، بالتهاب رئوي حاد وصعوبة في التنفس وسعال وقشعريرة، وشعور بالتعب والإجهاد، ويوضح الباحث في معهد باستور، أرنو فونتانيت، لوكالة الأنباء الفرنسية: أن هناك مجموعة من السلالات لفيروس “كورونا” ستة منها تصيب البشر، والفيروس الجديد هو السابع ضمن هذه العائلة
ويشبه الفيروس الجديد، متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد “سارس” الذي انتشر بسرعة بين عامي 2002 و2003، مما تسبب حينها في وفاة نحو 800 شخص، غير أن العلماء يعتقدون أن الفيروس الجديد أضعف قليلاً من “سارس”.
كيف ينتقل الفيروس؟
أوضحت منظمة الصحة العالمية في بيان أن يمكن للفيروس أن ينتقل من ملامسة الإنسان للحيوانات، ويعتقد العلماء أن الفيروس بدأ في القطط، أما في حالة انتقال الفيروس من إنسان إلى إنسان، فغالبا ما يحدث ذلك عندما يلامس شخص ما إفرازات الشخص المصاب.
ويمكن للفيروس أن ينتقل عن طريق لمس شيء لمسه شخص مصاب، ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين، مع الإشارة إلى ان موظفي الرعاية الصحية الذين يعملون مع المصابين يتعرضون للخطر بسبب احتمال انتقال الفيروس بالتعرض ولمس نفايات المريض المصاب.
هل يمكن أن ينتشر الفيروس في جميع أنحاء العالم؟
أكدت السلطات الصينية، من جهتها، أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا تنتقل بين البشر، وليس من الحيوانات للبشر فقط، مما يثير مخاوف من احتمال انتشار الفيروس على نطاق عالمي.
الصين لا تزال الأكثر تضررا من تفشي المرض. ومدينة ووهان، مركز الزلزال، سُجّلت فيها غالبية الإصابات، مع عدد قليل من الحالات في المدن الكبرى الأخرى بما في ذلك شنغهاي وبكين.
لكن السلطات الصحية في جميع أنحاء العالم تخشى أن تؤدي احتفالات العام الصيني الجديد التي تبدأ في غضون أسبوع، إلى زيادة عدد الحالات على مستوى العالم، إذ إن مئات الملايين من المواطنين الصينيين يسافرون خارج بلادهم لقضاء الإجازة، بينما من المتوقع أن يغادر ملايين المغتربين الصينيين إلى بلادهم وهناك احتمال بأن يحضروا الفيروس معهم عند عودتهم من الصين إلى البلدان التي يقيمون فيها.
هل يمكن الوثوق بالبيانات الصينية؟
أعرب علماء في كلية “إمبريال” البريطانية بلندن عن شكوكهم بشأن صحة البيانات الصينية، ويقدرون أن عدد الإصابات بالفيروس وصل إلى 1723 إصابة، وهو رقم يتجاوز الرقم المعلن بأربعة أضعاف، ومع ذلك، فإن موقف الصين من تفشي المرض كان أكثر شفافية هذه المرة مما كان عليه خلال انتشار وباء “سارس” مطلع القرن الحالي، كما أن السلطات الصينية تبادلت البيانات والمعلومات المتعلقة بالفيروس بسرعة فائقة.
المسؤول في منصة الاستعداد الأوروبي لمكافحة الأوبئة الناشئة، هيرمان جوسينز، أوضح لـ”يورونيوز” أن الصين نشرت البيانات المتعلقة بالفيروس مطلع شهر يناير الجاري، مما أفسح المجال لتطوير الاختبارات التشخيصية.
ما هي التدابير التي تتخذها البلدان؟
بداية لا بدّ من الإشارة إلى أنه لا يوجد بعد لقاح معروف للسلالة الجديدة من فيروس كورونا، أما على صعيد التدابير، فقد قامت السلطات في مدينة ووهان بإغلاق وتطهير سوق “هوانان” للمأكولات البحرية وتجري عمليات فحص لدرجات الحرارة في بعض مراكز النقل، فيما تقوم سلطات هونغ كونغ بإجراء عمليات الفحص هذه عند الحدود.
وقررت العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة وأستراليا إجراء فحوص على المسافرين العائدين على متن رحلات مباشرة من مدينة ووهان.
منصة الاستعداد الأوروبي لمكافحة الأوبئة الناشئة، زارت المواقع السريرية ومختبرات التشخيص في الاتحاد الأوروبي وتأكدت من جهوزيتها، هذا فيما يواصل باحثون العمل من أجل التأكد من فعالية الآليات التي تمّ اعتمادها للتعاطي مع حالات الإصابة بالفيروس في حال تم اكتشافها داخل الكتلة.