غادة عبد العال: في زمن الحظر والحجر والوباء…”عبادة الكره وعبادة الإنسانية “
في أوقات الحظر والحجر والوباء وفي الأوقات الاستثنائية الشبيهة يتجه الناس غالبا إلى الدين كحصن يتحصنون به إيمانا بإنه هيحميهم ، فالله يحمي أطفاله والرب يحمي عباده الصالحين.
النصائح الأولية غالبا بتتعلق بالدعاء، قبل الوقاية وقبل العلاج و قبل قراءة الإحصاءات، خاصة في المجتمعات اللي بتوصف نفسها بالتدين واللي جزء كبير من تراثها وحضارتها متعلق بالأديان.
لكن إلى جانب الدعاء والصلاة بتحاول المجتمعات اللي زينا تفسير كل شيء في إطار الدين، كل شيء أسبابه دينية و كل شيء نتايجه برضه دينية.
فالوباء لم يبدأ في الصين لاعتيادهم أكل حيوانات برية غريبة مش متربية في بيوت و لا مزارع فمش مفهوم واكلة إيه و مصابة بإيه، لأ الوباء بدأ في الصين لأنهم بيعذبوا مسلمين الإيجور، و هو اللي خلى أخبار ظهور الوباء في أوله فرح بالنسبة لبعض المتدينين على أساس أن الله أتانا وعده و هيدمر أعداءنا بسبب اللي عملوه فينا.
ثم تطور الأمر و وصل لدولة إسلامية زي إيران، فوقعنا في مشكلة, طب يا جماعة ما دول مسلمين زينا, هرش المتدينين في راسهم شوية يفكروا ثم خرجوا بالخبر اليقين، لأ يا سيدي ما دول شيعة، و الشيعة مش كلهم على صواب و عشان كده دي قرصة ودن يعني من ربنا يمكن يرجوا للصراط المستقيم.
ثم ظهرت بؤرة جديدة في إيطاليا، طيب دول لا أذوا مسلمين و لا عندهم شيعة، قالوا لأ عندهم الفاتيكان يا صديقي إنت ناسي الحروب الصليبية و اللي عملته فينا و الا إيه؟ ، إذا كنت انت نسيت، ربنا ما بينساش.
وفور وصول الوباء أو أوله لينا ولدولنا الإسلامية المتدينة ولشعوبنا المتدينة الرحيمة اللي مش بتشمت في حد إلا إذا كان داس لها على طرف في يوم من أيام ال10 قرون اللي فاتوا بدأ المتدينون في البحث عن أسباب لعقاب ربنا لينا.
تنوعت الأسباب بين إن: آه ده بسبب النقاب, حاربتم النقاب فربنا لبسهولكم بالعافية في صورة ماسكات، أو إن آه ده بسبب الحفلات اللي اتعملت في السعودية، عملوا حفلات فعوقبوا بقفل الحرم، أو إن آه ده بسبب هجر الناس للمساجد, أدي ربنا منعكم منها حتى لو عوزتوا تدخلوها دلوقتي هتموتوا و انتوا مش عارفين.
وهكذا يظل كل اللي بيحصل حوالينا له سبب ديني، لا علمي ولا طبي ولا يحزنون، وكل من يصاب بمرض أو بأذى فهو بسبب أن الله معنا، بياخدلنا حقنا اللي احنا مش عارفين ناخده، أو إنه بيعاقبنا على عدم إخلاص العبادة ليه.
لما وباء بهذا الحجم مش هيعلمنا نتخلى عن عبادة الكره والخوف والغل والشماتة، أمال إيه هيعلمنا عبادة الحب والتراحم والتعاطف والإنسانية.
المصدر: صحافيون/ات مونت كارلو