هؤلاء هن 5 كاتبات عربيات اللواتي تدعو مجلة ” فوغ ” الأمريكية قراءها للاطلاع على إبداعهن
من يَطَّلع على مسار مجلة ” فوغ ” الأمريكية التي أُطلقت عام 1892 والتي تصدر اليوم بلغات عديدة وبملايين النسخ الموزعة في العالم كله، يكتشف شيئا فشيئا أن هذه المجلة التي تخصصت في بداياتها في الموضة النسائية تحولت بمرور الوقت إلى منبر للدفاع عن حقوق المرأة في العالم ولمواكبة معارك النساء لفرض أنفسهن على التقاليد البالية وعلى مختلف أشكال التعسف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يطال المرأة حتى في عقر دارها بين أهلها وذويها.
واهتدى كثير من المشرفين على هذه المجلة إلى أن نصف الحرية تفتكها المرأة من الرجل والمجتمع والدولة والقيود الدينية أو التي توضع باسم الهوية الدينية من خلال التعلم والمعرفة والمثابرة ومن روح مقولة للفيلسوف الألماني هيغل الذي عاش خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الثامن عشر والعقود الثلاثة الأولى من القرن التاسع عشر ومفادها أن الإنسان الحر هو الذي يسعى إلى إدراك العقبات وتجاوزها الواحدة تلو الأخرى أيا يكن الثمن.
وقد دعت مجلة فوغ قراءها في عددها الأخير للاطلاع على نتاج خمس كاتبات عربيات ترى أنهن أسهمن بحق في إثراء الأدب في فضاءات تتجاوز بكثير حدود العالم العربي وفي سبر أغوار عوالم نساء رأين النجوم في الظهر الأحمر للتخلص من ربقة هيمنة الرجل والتقاليد البالية وكَسَرن قيود كثيرة. وتقول المجلة إنها عملت على اختيار خمس كاتبات عربيات ترى أنهن قادرات على حمل قرائها على إثراء ” رصيدهم اللغوي ” و”تنمية ذكائهم ” وعلى الحفاظ على الصحة وخفض نسبة التوتر لديهم وإطلاق ملكة الخلق عنهم.
أما الكاتبات اللواتي أهلتهن المجلة للقيام بهذا الدور فهن غادة السَّمَّان ونوال السعداوي وآسيا جبار وإنعام كجه جي وسحر خليفة. ولا بأس أن نستعرض هنا بعض ما استرعى مجلة ” فوغ ” في مسار الكاتبات الخمس وعلاقتهن بالكتابة وبالفضاءات الإبداعية ومعارك النساء فيها.
ففي ما يخص الكاتبة السورية غادة السمان، تلحظ المجلة أنها نشأت في بيئة أسرية تتعاطى بشكل أو بآخر مع ملكة الإبداع في حياتها اليومية وأنها كانت قريبة جدا من الشاعر الراحل نزار قباني ومع الكيمياء التي كان يتوصل من خلالها إلى ترويض الكلمات. وتذكر المجلة أن لهذه الأدبية حوالي أربعين مؤلفا بين الرواية والقصة القصيرة والشعر.
وبشأن الكاتبة المصرية نوال السعداوي، تقول مجلة ” فوغ ” إن من بين ما يميز مسارها أنها كانت في الوقت ذاته طبيبة وكاتبة. وتشيد بنضالها من أجل حقوق المرأة العربية وبقدرتها على تنزُّل المرتبة الثانية بعد نجيب محفوظ في ما يخص إبداعها المكتوب المنقول من اللغة العربية إلى لغات أخرى. وتطلق المجلة على نوال السعداوي لقب ” سيمون ديبوفوار العربية “وتذكر عددا من الجوائز التي حصلت عليها بينها ” جائزة الشمال والجنوب ” التي يمنحها المجلس الأوروبي.
وعن الكاتبة الجزائرية آسيا جبار التي رحلت في عام 2015 وبقي إبداعها، تشير المجلة إلى أنها ولدت في قرية ساحلية قرب الجزائر العاصمة باسم ” فاطمة الزهرة ” وإلى أنها اضطُرت إلى تقمص شخصيتها التي عُرفت من خلالها ككاتبة عندما نشرت عملها الروائي الأول الذي يحمل عنوان ” الظمأ “. ومما تذكره عنها ولعَها برصد وضع المرأة الجزائرية بعد استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962 وتَمكُّنَها من الانتساب إلى الأكاديمية الفرنسية راعية لغة موليير التي كانت تبدع من خلالها. وكانت أسيا جبار أول امرأة من شمال إفريقيا وخامس امرأة تدخل إلى هذا المعبد الذي يُلقَّب من يدخله بـ” الخالد”.
أما بشأن الكاتبة العراقية إنعام كجه جي، فإن مجلة ” فوغ ” تُذكر بمسارها الحافل في الكتابة مع صحف ومجلات عدة بدأته في بغداد ونمته في باريس التي سافرت إليها بهدف الحصول على شهادة الدكتوراه التي حصلت عليها من جامعة السوربون. وتشير المجلة إلى أن إنعام كجه جي شقت طريقها في مجال الإبداع الأدبي الروائي وغير الروائي بثبات وموهبة مكناها من الوصول مثلا عبر رواية ” الحفيدة الأمريكية ” إلى وضع اسمها ضمن القائمة القصيرة المتصلة بالجائزة العالمية للرواية العربية والمعروفة باسم جائزة ” بوكر العربية ” . بل إن إنعام كجه جي- كما تُذكِّر مجلة ” فوغ- “أدرج اسمها في عام 2014 ضمن القائمة النهائية القصيرة لنيل الجائزة ذاتها عبر روايتها التي تحمل عنوان ” طِشاري”.
وتعني العبارة ” في المرجعية اللغوية العراقية اليومية ” المبعثرة” ” الممزقة بين التشتت والضياع. واختير اسمها للمرة الثالثة عام 2019 في القائمة القصيرة التي تتعلق بالجائزة نفسها من خلال تكريم روايتها التي تحمل عنوان ” النبيذة” وتكشف جوانب مثيرة عن تاريخ العراق المعاصر عبر بطلتها الرئيسة الصحافية ” تاج الملوك عبد المجيد”.
وأما الكاتبة الفلسطينية سحر خليفة، فإن مجلة ” فوغ ” تقول عنها إنها من أهم الكاتبات الفلسطينيات وإنها جعلت من معاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال معينا تنهل منه في عملها الإبداعي دون أن يمنعها ذلك من رصد جوانب من هذه المعاناة من القيود التي هي متأصلة في المخيال العربي والتي تكبل المرأة قبل الرجل. ومن الجوائز الكثيرة التي فازت بها سحر خليفة جائزة ” سيمون ديبوفوار” الفرنسية التي أُطلقت في عام 2008 والتي تُمنح أشخاصا تألقوا من خلال عملهم أو إبداعهم في الدفاع عن حرية نساء العالم.
بقيت ملاحظة وجب التذكير بها في خاتمة هذا المقال هي أن مجلة ” فوغ ” بدأت حديثها عن الكاتبات العربيات الخمس بدعوة قرائها للتخلي لحين عن شاشات التلفزيون وما تعرضه منصة ” نيتفليكس ” من أفلام وبرامج للتعرف إلى عوالم الكاتبات الخمس عبر إبداعهن المكتوب.
المصدر: مونت كارلو