عودة للجنة النزاهة والشفافية للبيجيدي وملفي مستخدمي مكتبي الرميد و أمكراز
أصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بيانا بتاريخ 2 يوليوز 2020 يتطرق فيه بشكل رئيسي لخلاصات تقريري لجنة النزاهة والشفافية بشأن مستخدمي مكتبي الاستاذين مصطفى الرميد ومحمد أمكراز بصفتهما وزيرين ينتميان لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية، الأول بصفته وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان و العلاقات مع البرلمان والثاني بصفته وزير الشغل و الإدماج المهني.
النتائج التي أسفرت عنها لجنة الشفافية والنزاهة لهذا الحزب فيما يتعلق بعدم تصريح الوزيرين بالأجراء والاجيرات الذين يشتغلون بمكتبهم يثير أكثر من سؤال،سواء على مستوى واقع احترام القوانين الجاري بها ببلادنا أو على مستوى ظاهرة عدم المساواة أمام القانون والافلات من العقاب.
بيان الأمانة العامة في هذا الباب هو بمثابة فتوى صادرة عن لجنة تتحكم فيها عقلية الفتاوى أكثر من كونها لجن يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة وتقصي الحقائق لتعزيز المساءلة.
أول ما يثير في هذا البيان هو تقدير وتنويه الأمانة العامة لما أسمته “بالعناية الهامة التي شمل بها الاستاذ مصطفى الرميد الكاتبة المعنية” وتنويه اللجنة “بمسارعة مكتب الاستاذ محمد أمكراز بتسوية وضعية مستخدميه وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل في مثل هذه الحالات” .
انها وبجملة وحيدة قمة الاستهتار بالقانون وتحقير غريب للمقتضيات المنصوص عليها في التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية لحقوق النسان التي نصت على الحماية الاجتماعية للأجراء والأجيرات.
لقد ارتأت الأمانة العامة للحزب الذي يقود الحكومة الحالية أن تتعامل مع هذا الخرق / الفضيحة بعقلية التعزير بالمال التي تناولتها المذاهب الفقهية المختلفة ولكن هذه المرة بتفسير بيجيدي محض.
مصدر الغرابة أيضا في هذا البيان هو تأكيد لجنة النزاهة والشفافية للحزب على أن الوزيرين ” لم يخرقا قواعد الشفافية والنزاهة المرتبطة بتدبير الشأن العام ومقتضيات تحملهما لمسؤولياتهما العمومية” ، معتبرة على ان ما قام به الرميد و أمكراز مجرد مخالفة قانونية infraction بعد أن أردفها بأن هناك ملابسات وظروف حالت دون التصريح بالأجراء ، وهي في واقعالأمر تبرير يتوخى منه إبعاد شبهة القصد عن المعنيين بالأمر. أما عدم خرق قواعد الشفافية والنزاهة فربما لان الأمانة العامة لهذا الحزب اعتبرت ان الامر عادي جدا بعقلية تعتبر الاجراء مسخرين لخدمة مشغليهم .
لقد اختار حزب العدالة والتنمية نهج فلسفة التبرير في ما ارتكبه وزيريه من خرق سافر للقانون في وقائع لها علاقة مباشرة ووطيدة بالقطاعين اللذين يتحملان مسؤولية الاشراف على تسييرهما، وهو بذلك يوغل في تعميق الهوة بين المغاربة ومختلف المؤسسات السياسية والاقتصادية ببلادنا وفي العمل الحكومي وهو ما يؤثر على الاستقرار السياسي ويذكي التوثر الاجتماعي.
لا يسعنا إلا نتفجّع ونرثي واقعنا السياسي الذي هذرت التوافقات الحزبية المبتذلة والرهانات الانتخابية كل إمكانيات المساءلة والمحاسبة التي من شأنها ان تضع حدّا لمثل هذه التجاوزات القانونية الخطيرة.
سيقف الرميد و أمكراز بتْبنديرتهمْ المعتادة في محافل وطنية ودولية وبوجه قاسح للكلام عن مدى احترام حقوق الشغيلة المغربية و المجهودات التي تقوم بها كل من وزارة الشغل والوزارة المكلفة بحقوق الإنسان للنهوض بالأنظمة المتعلقة بالضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لفئة الأجراء ومدى تتبع ومراقبة تطبيقه واحترام القوانين الجاري بها العمل وعن حقوق الإنسان الأساسية ، و المبادئ الكونية والأخلاقية التي تنص على صون كرامة العامل /ة وحقوقه الأساسية؛ لكن ذلك لن يختلف عن أوجه التصنديل والتقصدير المعتادة لدى هذا الحزب ومن يدعمونه في الائتلاف الحكومي الهجين الذي يقوده.
إنه وبدون شك تعبيرعن زمن سياسي بئيس ، وتبرير ديماغوجي رديء للسقوط الأخلاقي لمن أسندت لهم مهمة السهر على حماية الحقوق والحريات ، ومظهر من مظاهر الفساد والإفساد السياسي وخرق سافر لأحد المؤشرات والثوابت الأساسية التي تقاس بها الديمقراطية في العالم .