لا تعترف بها..أول سفير سعودي “في الأراضي الفلسطينية” ومن خلالها رسالة “واضحة” للإسرائيليين في مسار التطبيع
في خطوة متزامنة مع زيادة الحديث عن توصل السعودية لاتفاق تطبيع مع إسرائيل برعاية أميركية، أعلنت الرياض، السبت، تعيين سفير غير مقيم لها في الأراضي الفلسطينية لأول مرة، في خطوة تهدف لتوجيه رسالة "واضحة" لواشنطن وإسرائيل بشأن المطالب السعودية المتعلقة بموافقتها على التطبيع، وفقا لمراقبين.
وفي وقت سابق، السبت، أعلنت السفارة السعودية في الأردن على منصة إكس (تويتر سابقا) بأن السفير السعودي الحالي في الأردن نايف السديري سيتولى المنصب الجديد بالإضافة لمنصب القنصل العام في مدينة القدس.
وقال السديري في تصريحات نقلتها قناة الإخبارية السعودية إن هذه “خطوة مهمة”، مشددا على رغبة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان “تعزيز العلاقات مع الأشقاء في دولة فلسطين… وإعطائها دفعة ذات طابع رسمي في كافة المجالات”.
بالمقابل قال مسؤولون فلسطينيون إنهم تسلموا نسخة من أوراق اعتماد أول سفير سعودي.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) على موقعها الرسمي أن مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي تسلم نسخة من أوراق اعتماد السفير نايف السديري “سفيرا مفوضا وفوق العادة لخادم الحرمين الشريفين، ملك المملكة العربية السعودية، لدى دولة فلسطين وقنصلا عاما للمملكة في القدس، عاصمة دولة فلسطين”.
وذكرت الوكالة أن ذلك جاء خلال استقبال الخالدي للسفير السديري اليوم السبت بمقر السفارة الفلسطينية لدى الأردن.
وتقليديا، تتولى سفارة المملكة العربية السعودية في عمّان ملف الأراضي الفلسطينية.
وتواصل السعودية الدفاع عن القضية الفلسطينية ولم ترض بعد بإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، لكن الولايات المتحدة تسعى لرعاية ما يمكن أن يكون اتفاقا تاريخيا في الشرق الأوسط والذي قد يتضمن إعلان تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
ولا تعترف السعودية بإسرائيل ولم تنضم إلى “اتفاقيات أبراهام” المبرمة عام 2020 بوساطة الولايات المتحدة والتي أرست بمقتضاها الدولة العبرية علاقات رسمية مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
وفي هذا الإطار يقول الباحث السياسي السعودي أحمد الشهري إن الخطوة السعودية تهدف لإرسال رسالة لإسرائيل وللولايات المتحدة مفادها “لا تطبيع مع إسرائيل من دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
ويضيف الشهري لموقع “الحرة” أن “الرياض لا تمانع في إقامة علاقة مع إسرائيل بشرط أن يقدم الإسرائيليون تنازلات حقيقية وعلى رأسها الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 وفق المبادرة العربية”.
ويتابع أن “هذا الأمر ليس صعبا في حال كانت هناك إرادة ورغبة حقيقية من واشنطن أو إسرائيل” في هذا الشأن، مشددا في الوقت ذاته أن “لا سلام من دون ثمن”.
الشهري أكد أيضا أن “الخطوة تهدف لترسيخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفعيل القرارات الدولية بشأنها”، داعيا جميع الدول العربية للحذو حذو بلاده.
وتكرر الرياض مرارا إنها ستتمسك بموقف جامعة الدول العربية القائم منذ عقود والمتمثل في عدم إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل حتى يتم حل النزاع مع الفلسطينيين.
لكن في الأشهر الأخيرة، أجرت الرياض وواشنطن محادثات حول الشروط السعودية لإحراز تقدم نحو التطبيع، من بينها ضمانات أمنية ومساعدتها في إنشاء برنامج نووي مدني بقدرة تخصيب لليورانيوم، وفق مسؤولين مطلعين على فحوى الاجتماعات.
لكن المحلل السياسي السعودي سعد بن عمر يستبعد التوصل قريبا لأي اتفاق تطبيع مع إسرائيل لعدة أسباب، منها أن واشنطن تلكأت كثيرا في مسألة منح الفلسطينيين ما يطالبون به.
كذلك يشير بن عمر في حديثه مع موقع “الحرة” إلى أن تعامل واشنطن مع السعودية على المستوى الاستراتيجي أو ملف التسليح وغير ذلك من القضايا لم يكن بالمستوى المطلوب.
ويشدد بن عمر أن “حل القضية الفلسطينية وفقا للمبادرة العربية يعد الضمان الأول الذي تطالب به السعودية من أجل المضي قدما في مسألة التطبيع ومن ثم يأتي التعاون السعودي الأميركي في المرتبة الثانية”.
وقال بن عمر إن تعيين السعودية لسفير فوق العادة في فلسطين “يصب في صالح دفع مسألة الاعتراف الدولي بالفلسطينيين ويعطي دفعة قوية تجاه الدولة الفلسطينية المؤمل إنشاؤها”.
وكان البيت الأبيض أعلن، الأربعاء، أنه لا يوجد إطار عمل متفق عليه للتوصل إلى اتفاق تعترف السعودية بموجبه بإسرائيل وإنه يتعين خوض محادثات كثيرة قبل توقيع مثل هذا الاتفاق.
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من نشر صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا قالت فيه إن الولايات المتحدة والسعودية اتفقتا على الخطوط العريضة لاتفاق التطبيع مع إسرائيل.
لكن المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي قلل من شأن ما أورده التقرير وأشار في إفادة صحفية إلى أنه “لا يزال هناك الكثير من المناقشات التي ستُجرى هنا”.
وأضاف “ليس هناك اتفاق على مجموعة من المفاوضات ولا يوجد إطار عمل متفق عليه للتوصل إلى تطبيع أو أي من الاعتبارات الأمنية الأخرى التي لدينا وأصدقاؤنا في المنطقة”.
المصدر: الحرة