دخل المجلس الأعلى للحسابات على خط التحقيقات بشأن برنامج “انطلاقة” المخصص لدعم وتمويل المقاولات، بعد الكشف عن اختلالات وصفت بالخطيرة شملت التلاعب في قروض، والارتشاء، والتزوير.
وفتح المجلس ملفات قضائية تستهدف التدقيق في مسار هذه الخروقات، في خطوة ترمي إلى تعزيز الشفافية والنزاهة في تدبير الأموال العمومية.
في هذا السياق، باشر قضاة الغرفة الرابعة بالمجلس الأعلى للحسابات عملية تدقيق دقيقة داخل البنوك المشرفة على البرنامج، بالتنسيق مع بنك المغرب، بعد ورود شبهات بتورط مسؤولين بنكيين في مخالفات متعددة. ووفق مصادر مطلعة، طالب القضاة المصالح القانونية في مجموعة من البنوك بتقديم وثائق ومستندات بهدف جمع معلومات شاملة عن الخروقات التي طالت تدبير برنامج “انطلاقة”.
هذا وشمل التدقيق نقاط الاتصال المباشرة بين طالبي التمويل والوكالات البنكية، حيث ركز المفتشون على آليات استقبال الملفات ومعالجتها.
وتشير التحقيقات إلى وجود مخالفات في معالجة طلبات الاقتراض داخل الوكالات البنكية، ومراجعة مدى احترامها لإجراءات ومعايير تدبير المخاطر الائتمانية، رغم الضمانات الحكومية المقدمة لهذه التمويلات.
كما أظهر تتبع ملفات قضائية للمجلس الأعلى للحسابات ثغرات في مسار قروض تصل قيمتها إلى 120 مليون سنتيم للملف الواحد، مع ارتباط مسؤولين بنكيين بشبكات ضمت محاسبين، وملّاك عقارات، وموظفين محليين، وأرباب مقاولات مختصة في المتاجرة بالفواتير.
إضافة إلى ذلك، رصد مفتشو الحسابات شكاوى عن الابتزاز من طرف بعض طالبي التمويل، ضد مسؤولين بنكيين اتُهموا بعرقلة وتجاوز الشروط الأساسية للبرنامج، مع طلب مستندات تفوق متطلبات المبادرة التمويلية. وتناولت هذه الشكاوى، المقدمة لدى مؤسسة الوسيط البنكي، تلاعبات في كراء المحلات التجارية، وفواتير تجهيز المعدات، فضلاً عن محاضر المراقبة.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت ارتفعت فيه نسبة رفض طلبات التمويل ضمن برنامج “انطلاقة” إلى نحو 40 بالمئة، نتيجة تبني البنوك المنخرطة شروطًا جديدة، أبرزها إقصاء التعاونيات، وتقليص سقف القروض إلى 150 ألف درهم للمقاولات، و100 ألف درهم للمقاولين الذاتيين.
وحرصاً على الكشف عن مزيد من التفاصيل، وجه قضاة المجلس الأعلى للحسابات طلبات إلى مديري المراكز الجهوية للاستثمار، للحصول على معلومات دقيقة حول تدبير البرنامج في المناطق المختلفة، وعدد المستفيدين، إضافة إلى الشكايات المسجلة حول هذه الخروقات.