تواجه الصيدليات في الوقت الحالي تحديات كبيرة بسبب انتشار صفحات ومواقع إلكترونية تروج لبيع الأدوية والمكملات الغذائية عبر الإنترنت، دون رقابة أو إشراف من الجهات المختصة، وأدى هذا الانتشار إلى تزايد القلق في أوساط الصيادلة الذين يعتبرون هذه الظاهرة تهديداً مباشراً للقطاع المهيكل، وسبباً في إفلاس العديد من الصيدليات التقليدية.
ويرى خبراء أن هذه الأنشطة الافتراضية لا تكتفي بإضعاف نشاط الصيدليات المرخصة فحسب، بل تشكل خطراً جسيماً على صحة المواطنين، إذ تعتمد هذه المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، المعروفة أحياناً بـ”صيدليات الإنترنت”، عبر أساليب غير قانونية لعرض وبيع الأدوية والمكملات الغذائية، كما لا تمتثل هذه الأنشطة للمواصفات والمعايير الصحية اللازمة، ولا تخضع لرقابة الجهات المختصة، وهذا ما يعرض المستهلكين لخطر الحصول على أدوية مجهولة المصدر وغير خاضعة لفحوصات الجودة أو صالحة للاستخدام الطبي، ما قد يؤدي إلى أضرار صحية جسيمة.
من جانبه، حذر د. أحمد الصياد، أحد ممثلي نقابة الصيادلة، من مخاطر هذه الظاهرة، مشيراً إلى أن هذه الممارسات تفتح المجال لبيع أدوية ومكملات غير مطابقة للمواصفات الطبية، وأخرى قد تكون مغشوشة أو منتهية الصلاحية، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة بل وقد يصل إلى حد التسبب في وفيات، خاصة في حالة الأدوية التي تحتاج إلى وصفة طبية وتستخدم لعلاج أمراض مزمنة.
من جهة أخرى، تتفاقم هذه الظاهرة في ظل تراجع عائدات الصيدليات التقليدية التي تكافح لتأمين مصادر دخل ثابتة، وقد صرحت مصادر مهنية بأن انتشار بيع الأدوية عبر الإنترنت تسبب في إفلاس مئات الصيدليات، ما يؤدي إلى فقدان العديد من العاملين لمصادر رزقهم وزيادة الضغوط المالية على الصيدليات المرخصة، حيث تعتبر هذه الأنشطة، منافسة غير عادلة للقطاع المهيكل، الذي يخضع لضرائب صارمة وقوانين تنظيمية تفرض شروطاً دقيقة على بيع الأدوية.
وفي هذا السياق، قال محمد علي، صاحب إحدى الصيدليات المتضررة، إن الصيدليات التقليدية تواجه مصاعب كبيرة في البقاء ضمن سوق تتزايد فيه المنافسة غير القانونية، مؤكداً أن الأمر أصبح معضلة تهدد القطاع وتستلزم إجراءات سريعة من الجهات المعنية.
و في محاولة للحد من هذه الظاهرة، تقدمت نقابة الصيادلة بشكايات إلى وزارة الصحة من أجل اتخاذ تدابير جادة لوقف انتشار “صيدليات الإنترنت”، وطالبت النقابة بفرض عقوبات رادعة على المتورطين في بيع الأدوية بشكل غير قانوني،كما و تطالب بتشديد الرقابة على المواقع الإلكترونية التي تروج لهذه المنتجات، لضمان صحة وسلامة المواطنين وتوفير مناخ منافسة عادل للصيدليات التقليدية.
و شددت النقابة على تكثيف الحملات التوعوية للمواطنين حول مخاطر شراء الأدوية من مصادر غير موثوقة، خاصة وأن العديد من الأشخاص قد يلجأون إلى شراء الأدوية عبر الإنترنت بحثاً عن الأسعار المنخفضة دون معرفة حقيقة المخاطر الصحية المرتبطة بذلك.
من جهة أخرى، يعد ضبط هذا النوع من الأنشطة عبر الإنترنت تحدياً كبيراً، حيث يتطلب الأمر تعاوناً بين وزارة الصحة ووزارة الاتصالات والجهات الأمنية لضمان إغلاق الحسابات والمواقع التي تروج للأدوية بطريقة غير قانونية، وقد اقترح عدد من الخبراء إنشاء وحدة خاصة في وزارة الصحة لمراقبة الأنشطة الصيدلانية الإلكترونية وضبطها، بما يضمن تحقيق الأمان للمستهلكين وتعزيز حماية القطاع المهيكل.
إن توسع ظاهرة “الصيدليات الافتراضية” وبيع الأدوية عبر الإنترنت دون مراقبة يمثل تهديدًا حقيقيًا للصيادلة ولصحة المواطنين على حد سواء. ومن الضروري أن تتخذ الجهات المختصة خطوات عاجلة لتنظيم هذا القطاع، لحماية الصناعة من المنافسة غير العادلة وضمان صحة وسلامة المجتمع.