الرئسيةروبرتاج

أساتذة يحتجون على تكوينات “الريادة” ما بعد العطلة

بقلم: بثينة المكودي

في صباح خريفي مشبع بخيبة الأمل، تجمع عشرات الأساتذة أمام مقر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بأكادير، ليس للاحتفاء بنجاح التلاميذ ولا للتبشير بموسم دراسي واعد، بل للاحتجاج.

غضب هادئ تكسوه ملامح الإنهاك والاستياء، بعدما قررت وزارة التربية الوطنية استئناف تكوينات برنامج “مدارس الريادة”، مباشرة بعد العطلة، ضاربة عرض الحائط بمطلب طال انتظاره”راحةٌ مستحقة.”

الأساتذة المحتجون، القادمون من مختلف المديريات الإقليمية، لم يأتوا فقط للمطالبة بتوقيف التكوينات، بل لرفع الصوت في وجه ما وصفوه بـ”الاستنزاف البيداغوجي والنفسي”.

” لسنا ضد التكوين، بل ضد هذا الإصرار العجيب على جعله عبئ إضافي يُفرض بعد العطلة وفي أوقات كان يفترض أن تكون للراحة وإعادة الشحن”، تقول أستاذة تحمل لافتة كتب عليها: “لسنا آلات.. احترموا إنسانيتنا”.

برنامج “مدارس الريادة”، الذي ترفعه الوزارة كأحد أعمدة الإصلاح، صار في نظر كثير من نساء ورجال التعليم عنوان للضغط وتكثيف الأعباء دون توفير الحد الأدنى من شروط الإنصاف والتحفيز.

“نتلقى تكوينات في قاعات مكتظة، بوسائل محدودة، وبمضامين لا تُراعي سياقاتنا المحلية ولا زمننا المهني”، يقول أحد الأساتذة المشاركين في الوقفة.

وتأتي هذه الاحتجاجات بعد سلسلة من الدعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي، رافقتها بيانات من نقابات تعليمية نددت بما أسمته “العقلية الإدارية المتسلطة التي تصر على تجاهل الصوت التربوي من قلب القسم”.

في خضم هذا التوتر، يطرح سؤال أعمق نفسه، هل الإصلاح يكون بإرهاق الفاعلين التربويين وتهميشهم في مسار بلورته؟ هل الريادة الحقيقية تُبنى على أجساد مرهقة وأرواح لم تُنصف؟

جدير بالذكر أن الأساتذة الذين صمدوا في وجه سنوات من التغييب والإصلاحات المرتجلة، يطالبون اليوم بشيء بسيط أن يُصغى إليهم، أن يُعترف بدورهم كحجر أساس في أي مشروع تعليمي، لا كبيادق تُحرَّك ببلاغ وزاري وتنطفئ في صمت بعد انتهاء العرض.

ولتذكير في أكادير، لم تكن الوقفة مجرد صرخة ضد تكوين بعد عطلة، بل كانت تعبير رمزي عن الحاجة إلى مدرسة تُبنى بالتشارك، لا بالإكراه، والى مدرسة لا تُختزل في الشعارات، بل تحيا بنبض أساتذة يُحترمون، لا يُستهلكون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى