
طوت المملكة العربية السعودية، يوم الجمعة 19 يوليوز 2025، فصلاً إنسانياً مؤثراً بوفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود، المعروف بلقب “الأمير النائم”، بعد أكثر من 19 عاماً قضاها في غيبوبة إثر حادث مروري مأساوي سنة 2005.
جاء إعلان الوفاة عبر تغريدة نشرتها الأميرة ريما بنت طلال، شقيقة والد الفقيد، معلنة رحيله بكلمات مؤثرة اختزلت حجم الفقد وعمق الحزن الذي خيم على الأسرة المالكة والرأي العام الذي تابع حالته لسنوات.
الأمير الذي خلد في ذاكرة السعوديين
الأمير الوليد بن خالد، ابن الأمير خالد بن طلال، وابن شقيق الملياردير الأمير الوليد بن طلال، لم يكن شخصية عادية في المخيال الشعبي السعودي والعربي، فقد تحولت قصته إلى رمز للأمل والصبر والإيمان، بعد أن تعرض لحادث سير في العاصمة الرياض وهو في سن الـ18 خلال دراسته في الكلية العسكرية.
دخل منذ ذلك الحين في غيبوبة لم يفق منها، لتستمر معاناته الطبية وحكاية بقائه على قيد الحياة لأكثر من عقدين، رغم التوقعات الطبية المتشائمة.
عناية فائقة وتشبث بالحياة
طوال هذه السنوات، وفّرت عائلته له رعاية صحية فائقة في المستشفى العسكري ثم في مقر إقامة خاص، حيث خُصصت له غرفة طبية مجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات الطبية، بإشراف فريق طبي متكامل، وكان والده، الأمير خالد بن طلال، يرفض بشكل قاطع نزع أجهزة الإنعاش عنه، مؤمناً بقدرة الله على شفاء ابنه، ومتمسكاً بأمل استيقاظه يوماً ما، وهو ما جعله محل تقدير وتعاطف واسع من المتابعين، الذين رأوا في موقفه تجسيداً للصبر الأبوي والإيمان العميق.
وفي أكثر من مرة، تم تداول لقطات تُظهر تحركاً بسيطاً للأمير النائم، كفتح عينيه أو تحريك أطرافه، ما أعاد الأمل للمقربين منه، غير أن وضعه الصحي ظل حرجاً ومعقداً، إلى أن وافته المنية.
تفاعل واسع وحداد على منصات التواصل
وفور إعلان الوفاة، عجّت منصات التواصل الاجتماعي برسائل العزاء والدعاء، وتصدّر وسم #وفاة_الأمير_النائم قائمة الأكثر تداولاً في السعودية وعدد من الدول العربية، فيما عبّر مغردون وناشطون عن حزنهم العميق لرحيل الأمير الذي ارتبط اسمه بالأمل والتحدي، مؤكدين أن قصته ستظل حاضرة في الذاكرة الجماعية، كواحدة من أطول حالات الغيبوبة التي حظيت بتغطية ومتابعة إنسانية وإعلامية واسعة.
جنازة مهيبة
شيّعت الأسرة المالكة الراحل في جنازة مهيبة حضرها كبار الأمراء والمسؤولين والمواطنين، حيث صُلّي عليه في أحد مساجد الرياض الكبرى، ودُفن في مقبرة العائلة وسط أجواء حزينة تعكس حجم الفقد والأسى.
أبعاد إنسانية وطبية لقصة استثنائية
أعادت وفاة الأمير النائم إلى الواجهة النقاش حول الحالات الطبية المشابهة، وحول الأبعاد النفسية والاجتماعية والاقتصادية لعائلات تعيش مع غياب أبنائها عن الوعي لسنوات طويلة.
كما سلطت الضوء على مفاهيم الإصرار الأبوي، وحدود العلم أمام القدر، ومدى قدرة الإنسان على التمسك بالأمل في وجه المستحيل.
لقد تحولت قصة الأمير الوليد بن خالد من حالة طبية إلى حكاية إنسانية بامتياز، نسجت تفاصيلها بين الألم والرجاء، وظلت مصدر إلهام لكثيرين في الداخل والخارج، ومع وفاته، تُطوى صفحة دامية ومؤثرة في تاريخ الأسرة المالكة، لكنها ستظل محفورة في وجدان السعوديين كواحدة من أغرب القصص وأكثرها حزناً وتأملاً.