
الصين تُسند 3000 فحص يومي ل”أطباء روبوت”
أعلنت السلطات الصينية عن افتتاح ما وصِف بأنه أول مستشفى يعمل بالذكاء الاصطناعي، يعتمد بشكل أساسي على نظم روبوتية طبية متقدمة قادرة على إجراء آلاف الفحوصات والتشخيصات يوميا، و يَدّعي القائمون على المشروع أن المنشأة قادرة على إجراء حتى 3000 فحص يومي، عبر معالجة السجلات الطبية، و توليد تشخيصات مبدئية، وتقديم برامج متابعة للمرضى.
كيف يعمل النظام عمليًا؟
تكمن آلية التشغيل في دمج خوارزميات تعلم آلي متقدمة مع قواعد بيانات طبية ضخمة، تسمح للنظام بفهم تاريخ المريض، قراءة نتائج الفحوص المخبرية والصورية، ثم اقتراح تشخيصات وخطط علاجية مبدئية..، تحت هذه الغطاء التقني، تقوم وحدات برمجية خاصة بإدارة مواعيد المتابعة وإعطاء توصيات تلقائية حول الحاجة لتحويل المريض إلى استشارة بشرية أو متابعة عن بُعد.
دوافع الحكومة والمؤسسة المالكة
الهدف المعلن مزدوج: تقليص قوائم الانتظار التي تثقل كاهل المستشفيات التقليدية، وتوفير الكوادر البشرية للتعامل مع الحالات الحرجة والمعقدة.
من منظور اقتصادي واجتماعي يسعى المشروع إلى توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الصحية، خصوصاً في المناطق التي تعاني نقصا حادا في الأطباء المختصين، وهو ما قد يجعل “الرعاية المبدئية” متاحة لملايين إضافية.
فوائد واضحة.. لكن مؤقتة
من الفوائد المتوقعة مباشرة خفض أزمنة الانتظار، تسريع عملية الفحص الروتيني، وتحسين استغلال الموارد البشرية: فالمهام المتكررة والبسيطة تنتقل إلى الروبوت، بينما يترك للأطباء البشر العمل على الحالات التي تحتاج حساً طبياً وخبرة إنسانية. هذا التحول قد يقلل أيضاً من التكلفة لكل فحص على المدى المتوسط إذا نجحت أنظمة الأتمتة في الحفاظ على جودة التشخيص.
مخاطر وتحديات لا يمكن تجاهلها
مع الفوائد تظهر تساؤلات مصيرية: مدى دقة التشخيصات الآلية في الحالات الغامضة؟ من يتحمل مسؤولية الخطأ الطبي عند الاعتماد على خوارزميات؟ ماذا عن خصوصية وسلامة البيانات الطبية المخزّنة ومعالجتها؟ كذلك تبرز مخاوف متعلقة بعدم تكافؤ الوصول: تقنيات باهظة التكلفة قد تزيد الفجوة بين مراكز المدن والمناطق النائية إذا لم تُصمم سياسات تسعير وإدماج مناسبة.
أثر على سوق العمل الطبي والمهنيين
في نفس السياق يبدو أن إدخال أتمتة واسعة في قطاعات الفحص والمتابعة قد يعيد تشكيل أدوار الممرضين والأطباء والموظفين الإداريين.. ما قد يؤدي إلى تضاءل بعض الوظائف الروتينية، لكن في المقابل ستظهر حاجات جديدة لمهارات إدارة البيانات، هندسة النظم الصحية، ومراقبة الجودة الآلية.. لذلك، يعد التحضير المهني والتكوين المستمر أمراً حاسماً لتجنب صدمة اجتماعية ومهنية.
ماذا عن القياس والرقابة؟
يعتمد نجاح مثل هذه المنشآت على آليات تقييم شفافة ومستمرة: اختبارات سريرية مقارنة بالممارسات التقليدية، و مؤشرات سلامة وجودة موحّدة، وإطار تشريعي يحدد من يكون مؤهلاً للاعتماد على هذه النتائج.
غياب آليات رقابية صارمة قد يقوّض ثقة المرضى ويعرّض النظام للمخاطر القانونية والأخلاقية.
خلاصة متفائلة ولكن حذرة
المستشفى الذكي طموح وغير مسبوق في نطاقه العملي، ويجسّد إمكانات التكنولوجيا لإعادة تشكيل خدمات الرعاية الصحية..، إلا أن تحقيق أثر إيجابي دائم يتطلّب أكثر من برمجة متقدمة: يحتاج إلى سياسات تنظيمية، بنى تحتية لحماية البيانات، برامج تدريبية للعنصر البشري، واستراتيجية عدالة في النفاذ للخدمة، و في غياب هذه العناصر، قد يبقى الإنجاز تقنياً مثيراً للاهتمام لكنه ناقص من منظور المريض والمجتمع.