هل تدخل العلاقات المغربية الإسبانية أفقا جديدا بعد موقف مدريد من قضية الصحراء وإعلان دعمها علنًا وللمرة الأولى لمقترح الحكم الذاتي
بإعلانها موقفا داعما وبوضوح للمغرب في قضية صحرائه، نكون اليوم أمام تحولا كبيرا في العلاقات المغربية الإسبانية بعد تغيير طال موقف مدريد من قضية الصحراء، وإعلان الحكومة الإسبانية دعمها موقف الرباط علنًا وللمرة الأولى، لتنهي بذلك خلافًا دبلوماسيًا كبيرًا بين البلدين.
يشار بهذا الخصوص، أن المغرب وإسبانيا دخلا في أزمة دبلوماسية كبيرة بعدما استدعت الرباط في أبريل من العام الماضي، السفير الإسباني المعتمد لديها للتعبير عن “سخطها” بسبب استضافة بلاده زعيم جبهة بوليساريو الانفصالية بدعوى تلقيه العلاج على أراضيها.
ويمكن بالرجوع إلى تفاصيل موقف وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، حيث قال علنا و أمام الصحافيين في برشلونة: “تعتبر إسبانيا أن مبادرة الحكم الذاتي المُقَدّمة في 2007 (من جانب المغرب) هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع” بين الرباط وجبهة بوليساريو.
ما يعني أن ألباريس أعلن علنا، وأكد بدقة وبشكل حرفي رسالة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز للملك محمد السادس الذي سبق أن كشف فحواها الديوان الملكي.
نشير بهذا الصدد، إلى بيان للحكومة الإسبانية، والذي جاء فيه: “ندخل اليوم مرحلة جديدة في علاقتنا مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل، واحترام الاتفاقات، وغياب الإجراءات الأحادية، والشفافية والتواصل الدائم”.
وفي هذا السياق، فإن “إسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف”. وأضاف بيدرو سانشيز: “أود أن أؤكد لكم أن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها”.
من جهة أخرى، جدد رئيس حكومة الاسبانية، في رسالته، التأكيد على “عزمه العمل جميعا من أجل التصدي للتحديات المشتركة، ولاسيما التعاون من أجل تدبير تدفقات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، والعمل على الدوام في إطار روح من التعاون الكامل”.
وخلص سانشيز، في رسالته الى الملك محمد السادس، إلى “أنه سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين”.
يشار أيضا، أن الموقف الإسباني، جاء عقب صدور بيان عن الديوان الملكي والذي أشار فيه إلى رسالة وصلت من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اعتبر فيها الأخير أن مبادرة “الحكم الذاتي” المغربية المقترحة للإقليم المتنازع عليه “بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية من أجل تسوية الخلاف”.
أيضا، أعلنت مدريد أن من المقرر أن يجري سانشيز زيارة إلى المغرب، من دون أن تحدد موعدها، وأن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس سيزور الرباط “قبل نهاية الشهر الجاري” في إطار تطبيع العلاقات بين البلدين.
إضافة إلى بلاغ الديوان الملكي، سارعت الخارجية المغربية للترحيب بالموقف في بيان لهال حيث أكدت بأنها ترحب بـ”المواقف الإيجابية والالتزامات البناءة لإسبانيا بشأن الصحراء المغربية”، فيما سارع ممثلو البوليساريو الانفصالية في إسبانيا، مدريد بوصف المبادرة بأنها ماعتبره “بالاستسلام في مواجهة الابتزاز وسياسة الخوف التي يستخدمها المغرب”مؤكدة أن إسبانيا “تحاول باستمرار إرضاء المغرب”.
واعتبر مندوب جبهة البوليساريو الداعية للانفصال في إسبانيا، عبد الله عرابي، أمس الجمعة، اعتراف إسبانيابمقترح الحكم الذاتي الخيار الأكثر واقعية لحل نزاع الصحراء، يبين “نفاق” الحكومة عندما تتحدث عن “الدفاع عن الشرعية الدولية”. مشيرا بحسبه أن مقترح الحكم الذاتي “خيار ولكنه ليس الحل”، ومعلنا التسك باستفتاء تقرير المصير.
يشار أيضا بهذا الخصوص، أن المغرب كان حصل على اعتراف أميركي بإقليم الصحراء، إبان حكم الرئيس السابق دونالد ترمب وربط ذلك باستئناف الرباط تطبيع العلاقات مع تل أبيب.
اعتبر الصحافي، نجيب كومينة، رسالة شانشيز الى الملك حدث بالغ الضخامة والأهمية في مسار دفاع المغرب عن وحدثه الترابية. و تغير موقف اسبانيا، المستعمر السابق لاقاليمنا الصحراوية، يكتسي أهمية استراتيجية تعادل أهمية الموقف الأمريكي الذي تم تأكيده على لسان نائبة كاتب الدولة لدى زيارتها مؤخرا للمغرب.
وأضاف، أن احداث كبيرة سيكون لها اثرها الديبلوماسي وسيكون هذا الأثر كبيرا بلا شك في الفترة القادمة، و لا استبعد ان تنحو دول أوروبية منحى اسبانيا والولايات المتحدة، وان تخطو فرنسا على الخصوص خطوة إضافية في القريب رغم انها تعيش في فترة انتخابية، اذ ان مختلف الأطراف الأساسية في ساحة السباق الانتخابي لا تعترض كلها على هكذا خطوة، فحتى ملينشون الطنجاوي يفهم جيدا الوضعية و قلبه على المغرب.
أكد عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض، “إننا أمام تأكيد إسبانيا على أن الشراكة والتعاون والتراكم المهم في العلاقات الاقتصادية وحسن الجوار ومواجهة الاشكالات الدولية المختلفة والتعاون الامني والقضائي لا يمكن ان تستمر الا عبر علاقات جيدة ومثالية، وهذا هو مطلب المغرب الاساسي طيلة الازمة” التي عرفتها العلاقات بين البلدين.
وأشار في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب ظل متشبثا خلال هذه الأزمة بزوال أسبابها، و”المتمثلة بشكل أو بآخر في قضية الصحراء المغربية، وهو ما يبشر بنهاية الأزمة الدبلوماسية، وبجواب سياسي لكل خصوم الوحدة الترابية”.
وأضاف، أنه وبإعلان إسبانيا اعتبارها “المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” المتعلق بالصحراء المغربية. “تريد تصحيح الوضعية التي عانت منها العلاقات الثنائية، والاعلان عن موقف جديد سيما أن اسبانيا أقرب الدول لسياقات نزاع الصحراء المغربية”.