بوريطة في الجزائر… ماذا لو تصافح بالوجه مع تبون؟ ومدوّن «يدمّر» قناة تونسية!
غاب التشويق الإعلامي عن القمة العربية في الجزائر، بغياب عدد من الحكام العرب. وصار عنصر “الإثارة” الوحيد ـ تقريبًا ـ فيها هو حضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، بسبب القطيعة الموجودة ـ للأسف ـ بين المغرب والبلد المستضيف للقمة.
القنوات تتعقب خطوات الوزير نفسه الذي حرص على ارتداء اللباس التقليدي، وترصد حركاته وسكناته، بحثًا عن الخروج باستنتاجات أو تأويلات ما. أمّا إذا ظفر إعلامي منه بتصريح أو حتى بحوار، فقد عُدّ ذلك صيدًا ثمينًا، مثلما فعلت الإعلامية اللبنانية جيزيل خوري، التي اعترفت بأن الحوار مع الوزير بوريطة يحقق نسبة متابعة عالية، مستدلّة على ذلك بأول حوار لها معه منذ حوالي عامين.
ذهب وزير الخارجية المغربي إلى الجزائر، إذنْ، ممثِّلا للملك محمد السادس الذي أسهبت أسبوعية “جون أفريك” في تفسير أسباب غيابه، بالنيابة عن وسائل الإعلام المغربية. وكان لافتا للانتباه المصافحة اليدوية التي جرت بين الوزير بوريطة والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
صحيح، قد يُفسَّر الأمر بمقتضيات البروتوكول الخاص باستقبال كل المشاركين في القمة العربية، لكنّ طريقة المصافحة الحارة والابتسامة التي ارتسمت على وجهي الرجلين تحتمل بعض التأويل دون مغالاة فيه، فقد تكون مؤشرا على “إرهاصة” تذويب الجليد بين البلدين الجارين. ولو ـ قلت “لو” ـ لو تجاوزت المسألة ذلك إلى المصافحة بالوجه، لربّما ذاب الجليد في الحين؛ فكم يلزم من الوقت والاستعداد المسبق لتحقيق هذه “اللحظة التاريخية”؟!
أما وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، فقد تأسف لغياب ملك المغرب؛ وفي رأيه إنّ ذلك “فوَّتَ” لقاء هذا الأخير بالرئيس تبون، ما أدى إلى “ضياع فرصة لاتحاد المغرب العربي وللعمل العربي المشترك”. لكن، ألا يعلم معاليه أن هذه الفرصة كان ينبغي أن تكون نتيجة طبيعية لبناء قبْلي متراكِم، مُؤسَّس على النية السليمة والثقة المتبادلة؟
أسبوعية فرنسية «مُدلَّلة» في المغرب!
السؤال الاستنكاري المؤرق الذي يتردد على لسان أكثر من مغربي هو: “هل نحتاج إلى وسائل إعلام أجنبية لمعرفة الأخبار التي تتعلق ببلدنا وبملكنا؟”
هذا السؤال تنطبق عليه العبارة العامّية “اخبارنا يجيبها البراني”، ومناسبته استفراد أسبوعية تصدر من باريس بخبر عدم حضور الملك محمد السادس للقمة العربية في الجزائر.
الموضوع لا يتعلق بسبق صحفي، بل بتفضيل من طرف “مصادر مغربية مسؤولة” لأسبوعية “جون أفريك” عمّا سواها من المنابر الإعلامية. منذ بضعة أسابيع، “أُوحِيَ” للأسبوعية ذاتها أن الملك محمد السادس سيحضر القمة، ثم عادت عشية انعقادها لكي تنفي حضوره.
والحال أنه كان أحرى وأنسب أن يُعلَن عن مثل هذه الأخبار التي تهمّ المغاربة في علاقتهم بملكهم من خلال القنوات المحلية، إمّا عبر وكالة الأنباء الرسمية أو عبر بيان للناطق الرسمي باسم القصر الملكي؛ ففي ذلك انسجام مع منطق المؤسسات ومع حق المواطن في تلقّي المعلومة المضبوطة بالشكل الرسمي المناسب، وليس بتسريبات تلقّفتها أسبوعية صادرة في فرنسا و”مُدلَّلَة” في المغرب!
ألم يقولوا “مطرب الحي لا يطرب”؟
الصدمة التي أَسرَّها التلفزيون المغربي!
وبينما بدا للمغاربة أن الأسبوعية الفرنسية المذكورة مشمولة بالحظوة والامتياز لدى سلطات الرباط، تابعوا في الوقت نفسه ما جرى لمُوفَدي التلفزيون المغربي إلى القمة العربية، من شتى ضروب الإهانة والمضايقات في مطار هواري بومدين بالجزائر، حيث خضعوا إلى استنطاق أمني امتدّ لساعات طوال، احتُجزت بعده أجهزتهم التقنية؛ ثم سُمح لهم بدخول الأراضي الجزائرية… كأفراد فقط بدون كاميرات وميكروفونات!
ولكن، هل كانوا في فسحة وسياحة، أم ذهبوا إلى الجزائر في مهمة صحافية؟ وماذا يعني ذلك غير منع إعلاميي بلد جار من ممارسة عملهم، تأكيدًا ملموسًا على استمرار العداوة والشقاق، في وقت حملت فيه القمة العربية شعار “لمّ الشمل”؟ بيد أن الشعار سرعان ما انكسر أمام واقع الحال.
التلفزيون المغربي تلقّى، إذنْ، الصدمة من الجيران، فأَسرَّها في نفسه ولم يبدها، إذ لم يحذُ حذو العديد من وسائل الإعلام المحلية التي نشرت بيانات التنديد بمنع المُوفَدين من تغطية أعمال القمة. والظاهر أن تعليمات أعطيت لمسؤولي القناة الأولى المغربي بتجاهل الموضوع كليا، وفي المقابل القيام بتغطية محايدة لأعمال القمة العربية؛ تفاديا لنكء الجراح!
فنان «حالم» أطاح بقناة!
إذا كان بيت العنكبوت أوهن البيوت، مثلما يشير الذكر الحكيم إلى ذلك في الآية القرآنية المعروفة، فإن قناة التلفزيون التونسي الرسمي على “اليوتيوب” صارت أشبه ببيت العنكبوت، على غرار الحال التي أوصل الرئيس قيس سعيد البلاد إليها… لقد تهاوت أركان القناة الافتراضية واندثرت، وصارت في خبر كان، لمجرد أن مُدوِّنًا تونسيا اتخذ إجراءات قانونية ضدها، بتهمة الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية لأعماله. “اليوتيوبر” ربيع بن إبراهيم صاحب الفيديوهات الترويجية للسياحة البيئية في تونس غرّد على “تويتر” شاهرًا الفضيحة: “يؤسفني أن أعلمكم أنه تم اليوم إغلاق القناة الوطنية نهائيا على اليوتيوب إثر التعديات المتكررة في العديد من البرامج على حقوق الملكية الفكرية لأعمالي، وقد تمت معاينة العديد من التعديات من قبل قنوات أخرى خاصة تونسية وأجنبية سيتخذ في شأنها الإجراءات القانونية اللازمة”.
يطلق على نفسه لقبًا بالإنكليزية هو The Dreamer (الحالم) ويعمل على ترويج السياحة التونسية، من خلال إنجاز برامج وثائقية وبثها على حساباته الافتراضية بجودة عالية، تتيح الاقتراب أكثر من جمال الطبيعة والبحر وتنوع المحميات وخيرات البلاد وحياة الناس البسطاء.
القناة الوطنية التونسية وجدت تلك البرامج المبثوثة على الشبكة العنكبوتية لقمة سائغة “لالتهامها” وتقديمها للناس على أنها عمل من إنتاجها الخاص. قناة تلفزيونية، بعُدّتها وعَتادها وبالميزانية المرصودة لها من لدن الدولة وبجيشها العرمرم من الإعلاميين والتقنيين والإداريين، لم تقو على منافسة فنان شاب “أعزل”، لكنه مُحصّن بالقانون الدولي وبمتابعيه الكثيرين، فعملت على سرقة مجهوده الشخصي!
وبعدما تكررت العملية، وتكرر معها التنكّر لحقوق اليوتيوبر “الحالم”، أبلغ عنها هذا الأخير؛ حيث قام المتحكمون في مجرى التدفق الافتراضي بإيقاف بثّ قناة “اليوتيوب” الخاصة بالتلفزة الوطنية التونسية. ولم تستطع استئناف تواصلها مع الجمهور سوى منذ بضعة أيام، لكنها ظهرت فقيرة المحتوى بعدما اختفى أرشيفها السابق من الفيديوهات! فهل تُراها استفادت من درس الفنان “الحالم”، اقتداء بالمثل الدارج “العود اللي تحقرو.. يعميك”؟
المصدر: القدس العربي