الرئسيةسياسة

من أجل صناديق شفافة: مذكرة OMDH إلى الداخلية

مع اقتراب موعد الاستحقاقات التشريعية المقبلة، يعود النقاش العمومي في المغرب حول شروط نزاهة الانتخابات وضمان مصداقيتها.

وفي هذا السياق، قدمت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان رؤيتها الإصلاحية، واضعةً الأصبع على مكامن الخلل التي لازمت المحطات الانتخابية منذ أول تجربة برلمانية سنة 1963، ومؤكدةً أن أي انتخابات حقيقية لا يمكن أن تُختزل في بعد تقني أو سياسي، بل يجب أن تُقرأ باعتبارها حقًّا من حقوق الإنسان، وأداةً جوهرية لتجسيد الإرادة الشعبية.

من المرجعية الدولية إلى الدستور المغربي

المنظمة استندت في ورقتها إلى المرجعيات الكونية لحقوق الإنسان، بدءًا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وصولًا إلى مقتضيات الدستور المغربي وخاصة الفصل 11 الذي يضع شرط “الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة” كأساس لشرعية التمثيل الديمقراطي. ومن هنا، ربطت المنظمة بين المسار الديمقراطي الوطني والمنظومة الحقوقية الدولية، معتبرةً أن نجاح الانتخابات لا يقاس فقط بنسبة المشاركة أو بتوزيع المقاعد، بل بمدى احترامها لمعايير الشرعية والشفافية والمساءلة.

إصلاحات جوهرية مطلوبة

في عرضها، قدمت المنظمة مجموعة من المقترحات التي تعكس الحاجة إلى قطيعة مع ممارسات الماضي:

توسيع المشاورات لتشمل ليس فقط الأحزاب، بل أيضًا المؤسسات الدستورية، الهيئات الحقوقية، وجمعيات المراقبة الانتخابية.

إصلاح التقطيع الانتخابي بما يضمن عدالة التمثيل المجالي والديمغرافي.

تيسير مشاركة مغاربة العالم في التصويت والترشيح، تطبيقًا للفصل 17 من الدستور.

تعزيز التمثيلية النسائية عبر آليات تحفيزية وضمان حصة الثلث في أفق المناصفة.

قطع الطريق أمام المال الفاسد عبر ضبط سقف النفقات الانتخابية وتجريم شراء الأصوات.

الولوج المنصف للإعلام العمومي لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الأحزاب.

تشديد الرقابة القضائية على الجرائم الانتخابية، مع إدراج قيود جديدة على الترشح لمن صدرت في حقهم أحكام تتعلق بالفساد أو اختلاس المال العام.

من أزمة ثقة إلى أفق ديمقراطي

المنظمة لم تكتف بطرح تشخيص قانوني وتقني، بل وضعت يدها على جوهر الأزمة: فقدان الثقة بين المواطن وصناديق الاقتراع. فالمغاربة، رغم انتظام الانتخابات منذ الاستقلال، ظلوا يشككون في جدواها بسبب تكرار الاختلالات نفسها: حياد السلطة، استعمال المال، ضعف تمثيلية النساء والشباب، وضعف المحاسبة. ولهذا، ربطت المنظمة نجاح الانتخابات المقبلة بإعادة الاعتبار لصوت الناخب باعتباره التعبير الأسمى عن السيادة الشعبية.

ما بعد الاستحقاق

الرسالة المركزية للمنظمة هي أن الانتخابات ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لبناء دولة الحق والقانون. فإذا مرت في أجواء نزيهة، يمكن أن تشكل منعطفًا نحو ديمقراطية فعلية تعزز مسارات الإصلاح المؤسساتي. أما إذا استمرت الممارسات السابقة، فإنها ستظل مجرد محطة شكلية تفتقر إلى المصداقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى