رفض مطلق للمعارضة
اعتبرت قوى المعارضة بمجلس النواب، أن مشروع القانون المتعلق بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، يعتبر “تَراجعًا خطيرًا وغير مسبوق في المجال الإعلامي”.
وقالت خديجة أروهال عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، خلال جلسة التصويت على المشروع بالجلسة العامة بحضور وزير الشباب والثقافة مهدي بنسعيد أن النص يجسد، بحق، “فضيحةً وتراجعاً كارثيا في المسار الديموقراطي، وتَدَخُّلاً سافراً من الحكومة في شؤون هيئةٍ مهنية مستقلة، لم يَقَعْ ما يُـــماثلُه أبداً في تاريخ المغرب المستقل.”
وأكد الفريق رفضه للمشروع شكلا ومضمونا باعتباره يتنافى مع الدستور وروح القانون ومع المقاربة العامة الأصلية التي أطرت إحداث مجلس وطني للصحافة بما يعني أنه هيئة مستقلة، و يتشكل من خلال الاختيار الحر من قبل الجسم الإعلامي لممثليه، ليدبر شؤون المهنة والحرص على أخلاقياتها.
وقالت النائبة أروهال، باسم فريقها، “لقد أبتِ الحكومةُ إلا أن تفرض هذا المشروع المشؤوم، قسرا، في تعاطيها مع واقع الانسداد بالمجلس الوطني للصحافة، واختارتِ اللجوء إلى تشريعٍ متعسف وعلى المقاس”.
وأضافت في السياق ذاته، قائلة: إنه“مشروع مُتنافٍ مع توجهات الدستور، وبعيد عن الممارسة الديموقراطية السوية، واتفاف غير مقبول على ما ينبغي أن يكون عليه المجلسُ الوطني للصحافة”.
بدوره، نبه الفريق الاتحادي إلى ما اعتبره فشلا في تفعيل الجيل الثاني من الإصلاحات في قطاع الصحافة والإعلام التي تفرضها التزامات الدولية والمقتضيات الدستورية، معبرا عن انقاده غياب الإجراءات العملية التي تمكن من ضمان احترام حرية التعبير وحماية التعددية وتكريس ثقافة الاختلاف.
في السياق نفسه، أثارت المعارضة الاتحادية الانتباه أيضا إلى ضعف الإجراءات المتخذة الرامية إلى تنظيم مهنة الصحافة على أساس عصري وفي علاقة منسجمة مع مجموع المهن المرتبطة بها، تعلق الأمرب مستوى الطباعة والتوزيع والدعم والإشهار والتكوين، وعدم جدية التعامل مع الضوابط القانونية للصحافة والإعلام، بما تتطلبه.
وطالبت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن حزب “فدرالية اليسار الديمقراطي”، في الجلسة العمومية التي عقدها مجلس النواب بوقف استهداف حرية الرأي والتعبير.
وقالت التامني، خلال مناقشة مشروع اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة، إن العديد من الصحافيين تم إسكات أقلامهم إما بالاعتقال أو بالتهجير القسري.
وطالبت التامني إطلاق سراح جميع الصحافيين المعتقلين، مؤكدة أن حركة “20 فبراير” فتحت قوسا لحرية الصحافة سرعان ما تم إغلاقه من خلال مسار تراجعي. مؤكدة أن للمغرب حاليا صورة قاتمة في مجال حرية الصحافة.
وكان أعرب الحزب الاشتراكي الموحد عن رفضه لمشروع قانون الحكومة المتعلق بتشكيل لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، مؤكدا الأمر يتعلق بعمل يهدف إلى ‘‘تحويل مجلس الصحافة إلى جهاز إضافي للرقابة والوساطة”.
وقال الحزب، في بلاغ لمكتله السياسي، في وقت سابق، إن محاولات احتكار ملكية وسائل الاعلام والوسائط الرقمية وأدوات تسويقها وإنتاج المحتويات، يكشف عدم فهم واستيعاب أدوار الإعلام في بلد يسعى لبناء انتقاله الديمقراطي الفعلي.
وطالب بضرورة تمكين المجلس من ‘‘صلاحيات وتركيبة بأغلبية صحافية تجعله فاعلا أساسيا في تنظيم وتطوير مهن الإعلام والتواصل كسلطة معنوية تراقب مختلف السلط، وتحمي أخلاقيات المهنة، وتمكن المجتمع من التعبير عن نفسه بحرية‘‘.
واعتبر أن سعي ‘‘البعض للخلود‘‘ في تمثيلية الجسم الصحافي، يُتخذ كذريعة لتأجيل التغييرات والإصلاحات الضرورية في هذا القطاع، ويبرر طغيان الهاجس الأمني في التعاطي مع القطاع الصحفي.
وأكد البيان أن استقلالية الإعلام وضمان تعبيره الدائم عن تعددية الحياة السياسية والتنوع المجتمعي في مختلف المجالات، يشكل أحد الروافع التي لا محيد عنها لدمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع.
هذا، و صوتت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بالرفض على مشروع القانون رقم 15.23 المتعلق باللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال، المنعقد الأربعاء 14 يونيو 2023.
وكانت المجموعة قد عبرت على أنها غير معنية بالمناقشة التفصيلية لهذا المشروع، بالنظر لكونه مخالف للمقتضيات الدستورية المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة، وطالبت بسحبه خلال المناقشة العامة.
وكانت وصفت أمانة “المصباح” في وقت سابق، في بلاغ لها، المشروع بالغريب وأنه يعكس فشل الحكومة في تطبيق القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة وعجزها عن تنظيم الانتخابات في وقتها في قطاع منظم وناخبوه معروفون، وذلك رغم توفرها على أجل ستة أشهر إضافية للقيام بذلك، بعد التمديد الذي تم لهذه الغاية والذي كان موضوع مرسوم بقانون.
واعتبرت، تعيين لجنة مؤقتة يعد إعلانا لحالة استثناء في هذا القطاع الحيوي للبناء الديموقراطي، ومسا بصورة بلادنا ومسارها في مجال حرية الصحافة والتعبير، وفق البلاغ ذاته.
يشار بهذا الخصوص، أن الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال التابعة للاتحاد المغربي للشغل كانتا عبرتا عن رفضهما لمشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة لمواجهة حالة الفراغ القانوني التي يعيشها المجلس منذ الرابع من إبريل الماضي، تاريخ انتهاء مدة تمديد انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر التي أقرها مرسوم قانون صادقت عليه الحكومة في 29 سبتمبر الماضي.
وعبرت الهيئتان في وقت سابق، عبر بيان مشترك، عن استنكارهما “محاولة السطو على مؤسسة للتنظيم الذاتي”، وعن “ذهولهما واستغرابهما” لمضمون مشروع القانون المتعلق بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، مؤكدين أنه “مشروعاً استئصالياً، وغير دستوري، ومسيئاً لصورة المملكة الحقوقية، وتراجعاً خطيراً على استقلالية الصحافة في بلادنا، من خلال تدخل الجهاز التنفيذي في التنظيم الذاتي للمهنة”.