الأمم المتحدة (نيويورك) /ومع/ أبرز مدير القضايا الشاملة بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إسماعيل الشقوري، بنيويورك، التزام المغرب بتعزيز التعاون المؤسساتي في مكافحة الإرهاب.
وأوضح الشقوري، في كلمة خلال المؤتمر رفيع المستوى الذي جمع رؤساء وكالات مكافحة الإرهاب في الدول الأعضاء، في إطار الأسبوع الثالث لمكافحة الإرهاب (19-23 يونيو)، أن المغرب كان على الدوام “مدافعا قويا” عن تعزيز التعاون المؤسساتي في مجال مكافحة الإرهاب.
وأبرز، في هذا السياق، أن المغرب أطلق خلال السنة الماضية، بتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، “منصة مراكش لرؤساء وكالات الأمن ومكافحة الإرهاب في إفريقيا”، موضحا أن هذه المنصة التي عقدت مؤخرا اجتماعها الثاني في طنجة، جمعت أزيد من 38 رئيس جهاز أمني من الدول الإفريقية الأعضاء والبلدان الشريكة.
كما تعد المنصة، يتابع المتحدث، بمثابة منتدى سنوي لتقييم الإنجازات والأولويات والاحتياجات وكذا الإجراءات، مع النهوض بالتنسيق بين الوكالات وتبادل الممارسات والخبرات الفضلى، مسجلا أن المنصة تعد “دليلا قويا” على إرادة البلدان الإفريقية الانخراط في مجهود متعدد الأطراف، ويتسم بالموثوقية والمصداقية، من أجل مكافحة الإرهاب.
وأشار الشقوري إلى أن منصة مراكش تعد بمثابة نموذج ناجح للتنسيق المؤسساتي الإقليمي يستحق الدعم والترويج، ملاحظا أن هذه البنية تعكس ثلاث خصائص رئيسية من أجل مقاربة ناجحة لمكافحة الإرهاب في إفريقيا.
يتعلق الأمر بتعزيز تملك إفريقيا لاستجابات مكافحة الإرهاب والحلول المصممة وفق الاحتياجات، وتيسير تبادل الخبرات الإفريقية الناجحة والدروس المستفادة، فضلا عن المواءمة مع أولويات المبادرات والجهود الناشئة لمكافحة الإرهاب، من قبيل “مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية”، و”مبادرة أكرا” و”مجموعة التركيز المعنية بإفريقيا”.
كما ذكر المسؤول بأن المغرب يحتضن بالرباط مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا، والذي يمثل، برأيه، تتويجا للشراكة والتعاون المثمر بين المغرب والأمم المتحدة، مضيفا أن هذا المكتب يقترح برامجا لتعزيز القدرات التي تستجيب لأولويات البلدان الإفريقية.
وسجل أن “هذه البرامج، التي يتم تنسيقها بشكل وثيق مع السلطات الأمنية المغربية، تستفيد من تجربة المغرب في مجال مكافحة الإرهاب وتعمل على تشاطر الممارسات الفضلى مع البلدان المستفيدة”، كما تتماشى مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس التي تؤكد على التعاون وتقاسم استراتيجية المغرب الوطنية متعددة الأبعاد.
وأشار، في هذا الإطار، إلى أن تنفيذ هذه الاستراتيجية يستند إلى سلسلة من الإجراءات لتعزيز المرونة المؤسساتية في المجالات الأمنية والسوسيو اقتصادية والدينية، موضحا أن هذه المقاربة تقوم أساسا على تطوير إطار مؤسساتي من خلال سن قوانين قوية لمكافحة الإرهاب ومن خلال إحداث هيئات متخصصة لتنفيذ التدابير الوطنية في هذا المجال.
يتعلق الأمر، وفق المتحدث، بتعزيز الإطار المؤسساتي من خلال اعتماد قوانين صارمة لمكافحة الإرهاب وإنشاء هيئات متخصصة، من قبيل المكتب المركزي للأبحاث القضائية.
وتطرق السيد الشقوري إلى تجربة المكتب المركزي للأبحاث القضائية بصفته نموذجا لاستجابة المغرب المؤسساتية الفعالة في مواجهة الإرهاب، مبرزا أن المكتب يعد وكالة أمنية متخصصة تابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
وأشار إلى أن المكتب يضطلع بمهام التحقيق ومتابعة القضايا المتعلقة بالإرهاب في المغرب، مع الاختصاص القضائي في كافة الأعمال الإرهابية داخل حدود البلاد، مضيفا أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعمل في جميع أنحاء التراب الوطني، ويقوم بإجراء تحقيقات بشكل مستقل أو بالتعاون مع وكالات الأمن الوطنية والدولية.
وأوضح أن المكتب يعمل، بصفته الفرع القضائي للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وقبل الشروع في أي إجراء عملي، على التنسيق مع مكتب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط، ذات الاختصاص الوطني للبت في القضايا المرتبطة بالإرهاب، مضيفا أن هذه البنية تضم محققين مؤهلين ومحللين استخباراتيين وخبراء في الطب الشرعي، وتقوم باستقاء المعلومات وإجراء التحريات وتجميع الأدلة ضد الأفراد والجماعات المتورطة في الإرهاب.
وذكر المتحدث أن المكتب ينخرط، وفضلا عن دوره في مجال التحقيق، في إجراءات وقائية لمكافحة التطرف والكشف عن الدعاية المتطرفة على الإنترنت وجهود الجماعات الإرهابية لاستقطاب الموالين، مشيرا إلى أن المكتب يرتبط كذلك بعلاقات وثيقة مع الشركاء الدوليين للقيام بعمليات مشتركة ضد الشبكات الإرهابية العابرة للحدود.
وبالنسبة للمسؤول، فإن المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعد “نموذجا ناجحا” لقدرة المغرب على الصمود في وجه التهديدات الإرهابية والرد عليها بفعالية.
وتطرق الشقوري إلى النقاط الأربع التي تلخص تجربة المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وتهم الاستعداد الذي يشمل وجود خطط وإجراءات وموارد قوية لمواجهة مختلف أنواع التهديدات، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق والتعاون، فضلا عن اعتماد مقاربات قابلة للتأقلم وتتسم بالمرونة تعمل على تحيين الاستراتيجيات والتكتيكات استجابة للتهديدات الإرهابية المتغيرة، وذلك من خلال التقييم المستمر للإجراءات والتكنولوجيات والسياسات، بهدف الحفاظ على السبق في مواجهة المخاطر والتحديات الناشئة.
من جانب آخر، أشار المسؤول إلى أن أجهزة الأمن الوطني تظل منفتحة على التعاون مع شركاء موثوقين لبذل جهود مشتركة تمكن من تحقيق نتائج ملموسة.
وختم بتجديد التأكيد على التزام المغرب الراسخ بالأمن والاستقرار في القارة الإفريقية.