الرئسيةحول العالمرأي/ كرونيكشواهد على التاريخفكر .. تنوير

أكاذيب أمريكا لا حصر لها ولكنها لا تستطيع خداع كل الناس طوال الوقت

بكين – وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)

في الوقت الذي تمر فيه أمريكا بأزمة خطيرة من المواد الأفيونية، أسفرت عن وفيات عرضية في جميع أنحاء البلاد، أكثر من أي وقت مضى، بدأت واشنطن في اعتقال واتهام أفراد صينيين وشركات صينية، بتهم تتعلق بالفنتانيل، مختلقة بذلك أكاذيب ضد الصين، ومحملة الصين مسؤولية عدم كفاية الرقابة لدى واشنطن نفسها.

لكن الكذب والتملص من المسؤولية لن يجعلا هذه المشكلات تختفي، ولن يستطيعا خداع كل الناس طوال الوقت.

والحقيقة هي أنه كلما كدست أمريكا أكاذيبها الواحدة فوق الأخرى، ازداد تضاؤل مصداقيتها على الساحة العالمية.

الخداع سمة سياسة الأمن القومي على مر السنين، وتحت راية “الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”، دأبت الولايات المتحدة على الافتراء البلدان، بشكل متعمد وأذكت الحروب والاضطرابات.

فهي تجمل العدوان والتدخل وتصورهما على أنهما يعززان ما يسمى بـ”الديمقراطية”، وتمجد النهب والقتل، وتصورهما على أنهما “يعليان من شأن العدالة”، و”يحميان حقوق الإنسان”.

والأمثلة على ذلك كثيرة. في عام 1964، ادعت الحكومة الأمريكية أن سفنا حربية أمريكية تعرضت لهجوم من قبل زوارق طوربيد، تابعة لجمهورية فيتنام الديمقراطية في خليج تونكين.

ثم أقر الكونغرس الأمريكي ما يسمى بـ”قرار خليج تونكين”، الذي وافق على انخراط كامل من جانب الحكومة في حرب فيتنام.

وفي عام 2005، أصدرت وكالة الأمن القومي الأمريكية تقريرا يقر “بأرجحية كبيرة” بأنه لم تكن هناك سفن فيتنامية في محيط السفن الحربية الأمريكية، في ذلك الوقت.

وفي عام 2003، شنت الولايات المتحدة حربا على العراق، بحجة امتلاكه لأسلحة دمار شامل.

والآن، مرت 20 سنة، ولم تظهر أية أسلحة من هذا القبيل.

وفي السودان، دمر هجوم صاروخي أمريكي مصنعا للأدوية، بدعوى أنه “ينتج أسلحة كيميائية”.

ولقي أحد الموظفين مصرعه، وأصيب 11 شخصا آخرين في المصنع، الذي تعرض للهجوم، والذي تبين، في ما بعد، أنه ينتج أدوية للسكان السودانيين المحليين.

وذكر مقال، نشر على موقع ((ذا كونفرسيشن)) الأسترالي، أن “الإخفاء والخداع والأكاذيب السافرة، كانت سمة لسياسة الأمن القومي الأمريكية، على مدى عقود من الزمان. فالأكاذيب جزء لا يتجزأ من عمليات الأمن القومي. فهم يسعون إلى إضفاء المصداقية على سياسة الحكومة. ويضل لون الخصوم، ويخفون الأخطاء والإخفاقات”.

تعليم كيفية الكذب “كنت مدير وكالة الاستخبارات المركزية ((سي آي أيه)). كذبنا، وخدعنا، وسرقنا… أقمنا لهذا دورات تدريبية كاملة.
إنها تذكركم بمجد التجربة الأمريكية”. هذا سطر ورد في خطاب ألقاه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، مايك بومبيو، في تكساس عام 2019.

ولعل هذه الجملة هي أكثر الجمل صدقا، التي نطقها في حياته المهنية. الحكومة الأمريكية قد تكون مجتهدة، لكن يبدو أنها تعاني الأمرين في مجال فن الخداع. من إدعاءات “العمل القسري”، و”تتبع أصول كوفيد-19″، و”منطاد التجسس” إلى “الفنتانيل”، لم تثبت دقة أي من هذه “التكليفات”، حتى بالمعايير الأمريكية. بل ثبت أن هذه الأكاذيب المفبركة من قبل الجانب الأمريكي هي أكاذيب واهية.

أطلق بومبيو في عام 2020 خطته الخاصة بشبكات الجيل الخامس الخالية من الصين، زاعما بشكل لا أساس له أن بعض الشركات الصينية، وخاصة هواوي، هددت خصوصية بيانات المواطنين الأمريكيين والشركات الأمريكية.

وقام بجولة في العديد من دول الاتحاد الأوروبي للحصول على الدعم في هذا الصدد.

فشلت خطته في إقناع حلفاء أمريكا. فقد استنكرت الحكومتان الإسبانية والألمانية إدعاء التجسس، مؤكدتين أن أجهزة هواوي آمنة وموثوقة.

واستسلمت بريطانيا للضغوط، وحظرت شركة هواوي، وهذا الأمر “لم تكن له علاقة بالأمن القومي”، بل لمجرد “أن الأمريكيين أخبرونا أنه يجب علينا القيام بذلك”، هكذا اعترف وزير سابق.

إن زعماء أوروبا لديهم من الأسباب الوجيهة ما يدعوهم إلى التشكك.

فقد أدركت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، وغيرها من كبار المسؤولين الأوروبيين، على نحو مؤلم أن خصوصية بياناتهم لا تشكل أولوية بالنسبة لحليفتهم عبر الأطلسي.

ألقت الولايات المتحدة باللائمة على الصين في انتشار وباء الفنتانيل، الذي يودي بحياة 70 ألف أمريكي سنويا. والحقيقة هي أن حفنة من مشاريع القوانين المنقذة للحياة تم خنقها، في خضم السياسات الانتخابية، والصراع الحزبي على مدى أربع إدارات، وعقدين من الزمان.

فما الهدف المقصود من وراء هذا التعليم؟ إنه كما أشار وزير خارجية نيكاراغوا، دينيس مونكادا، عندما قال إن الولايات المتحدة “تستخدم حقوق الإنسان كجزء من إستراتيجية ترمي إلى إدامة هيمنتها، وإيقاف مسارات التنمية المستقلة التي تختارها مختلف الشعوب بجميع أنحاء العالم”.

فقدان المصداقية ذكر كبير المستشارين الطبيين السابق للبيت الأبيض، أنتوني فاوتشي، في يوليوز “أنا قلق كثيرا على البلاد لأن ما نراه — وأعتقد أن أي شخص يأخذ نفسا عميقا وينظر إلى ما يحدث — هو أننا في ساحة، وعصر، لما أسميه جعل الأكاذيب أمرا طبيعيا”.

وأضاف فاوتشي قائلا “هناك الكثير من التحريفات، والتشويهات للواقع، إلى جانب نظرية المؤامرة، التي كادت أن تصبح طبيعية”.

خلال السنوات الأخيرة، كان النمو الاقتصادي المحلي في الولايات المتحدة ضعيفا، وركدت دخول الطبقة المتوسطة، واتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

وفي مواجهة مشاكلها الهيكلية الخاصة، اختارت الحكومة الأمريكية إلقاء اللوم على البلدان الأخرى، والبحث عن كبش فداء.

في هذا السياق، ذكرت صحيفة ((ساوث تشاينا مورنينغ بوست)) في تقرير نشر، في يونيو، أنه “بالنسبة لمعظم الناس العاديين في العالم الغربي، وعلى وجه الخصوص في الولايات المتحدة، تشكل الصين مصدرا لصرف الانتباه — تشتيت الأذهان — عن المشاكل اليومية الحقيقية والخطيرة، والملموسة التي تواجه مجتمعاتهم في وقتنا الحاضر”.

ولكن الأكاذيب تأتي بنتائج عكسية، فمعها تستمر مصداقية أمريكا على الصعيد الدولي في الانحدار.

قال مونكادا، في يونيو، إن الولايات المتحدة تطبق معايير مزدوجة في مجال حقوق الإنسان، ولا تحترم سيادة الدول الأخرى. وينبغي على المجتمع الدولي أن يتكاتف في تضامن للدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة، والتصدي للهيمنة، وغيرها من الأعمال، وبناء عالم عادل يتشاطر مصالح مشتركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى