كوكاس يكتب: في الطابق السابع عشر، قريبا من الله.. كان يؤلف أغانيه ويوقع كلماته ويرسم لوحاته.+صور.
27/05/2024
0
بقلم الاعلامي والكاتب عبدالعزيز كوكاس
في الطابق السابع عشر، كان يرقب الدار البيضاء كلها من عل، كما لو كان يحرس أحلام الناس وينصت لكوابيسهم.. ويرى الفوارق بينهم في الطوابق وفي الآلام والآمال..
في الطابق السابع عشر، وسط حديقة منسقة بذوق رائق، وغرفة نوم غارقة في البساطة، كان يطل من شرفة الله على الآنام، ويستسلم لترانيمه فيما يسهر الخلق جرّاها ويختصمون.. فيما هو يستسلم لسحر جنونه الإبداعي، كلمة، لحنا أو رسما، أو ما تناثر على مساحة القلب من حب وجمال ولعب وشغب بالحياة..
في بناية تجتر تاريخا باذخا، حيث عبرها كتاب ومفكرون ورجال سياسة كبار، بينهم ألبير كامو، كان عبد الوهاب الدكالي يلحن ويعزف أغاني شنفت أسماع أجيال داخل المغرب وخارجه.. أغاني خالدة ظلت تأسر قلوب الملايين ولا زالت، ندندنها في سرنا وجهرنا مثل صلوات مقدسة إلى جانب الخالدات من روائع الموسيقى المغربية والعربية.. من “ما أنا إلا بشر” و”مرسول الحب” حتى “مونبرناس” و”آخر آه”.. ويرسم بورتريهات لنجوم من عالم السينما والفكر والفن والرياضة.. عزيز لحبابي، الطاهر بن جلون، إينشتاين، شارلي شابلن…
هذا المنزل الذي كان يقطنه الموسيقار الكبير عبد الوهاب الدكالي حوله إلى متحف، وحده يشكل سيرة ذاتية مفتوحة، لتتبع تفاصيل حياة فنان حقيقي، متنوع الاهتمامات، باذخ الثراء الفني.. كنا اليوم على موعد مع الفنان وفنه، بمبادرة طيبة من شبكة القراءة بالمغرب فرع ابن مسيك بزعيمته ذات البركات والحسنات بشرى البكاري، التقينا نحن بضعة من الألاف في المحبة والشعر والقصة والتشكيل وحرقة الصحافة مع الموسيقار المبدع عبد الوهاب الدكالي.. بأناقته التي لم يتخلى عنها وبتواضع منلفت من أسر أنفة المتنبي.
لمسنا آلة عود القصبجي وآلة عود محمد عبد الوهاب وكدت أشم أنفاسهما وبصمات أناملهما الخالدة، والملابس التي غنى بها الفنان المغربي في سهرات مختلفة موشومة بأثر عرقه وجهده الإبداعي.. وقلم الحسن الثاني ووسامه، وساعة والده التي لها شكل الإجاص الفضي، وباقي التحف من هدايا وشهادات تقدير وجوائز.. كلها رتبت بأناقة جميلة.. ما أروع أن تقترب من التفاصيل التي يعيشها الفنان حيث تكمن سلافة الإبداع.