كأنها تعيش في زمن آخر في بعض أحيائها..فاس اغتناء نخبة تصارعت على كل شيء إلا مصلحة المدينة و غياب المحاسبة
صدقوني لقد اصبت بذهول كبير وأنا بمدينة فاس يوم أول أمس الجمعة 7 يونيو بمناسبة تنظيمنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام لندوة وطنية، حول تجريم الإثراء غير المشروع بشراكة مع هيئة المحامين بفاس.
ومصدر الذهول هو حال وواقع مدينة فاس ،مدينة تبدو كأنها تعيش في زمن آخر،في بعض أحيائها تشعر وكأنك في دوار من الدواوير، شوارع تحمل علامات البؤس، بنيات تحتية فقيرة، بطالة، فقر، جريمة، هشاشة اجتماعية..
مدينة شاحبة يتعايش فيها الفقر المدقع والثراء الفاحش جنبا إلى جنب نخب سياسية تصارعت على كل شيء إلا مصلحة المدينة وسكانها، أشخاص تقلدوا المسؤولية العمومية لم يكونوا يملكون أي شيء، بل إنهم بدون مهن ولا وظائف، صاروا في مدة وجيزة يمتلكون عقارات وأموال ومجوهرات وحسابات بنكية، ثروات مسجلة في اسمهم وفي أسماء زوجاتهم وأبنائهم، ورغم ذلك ظلوا في منأى عن أية محاسبة، في الوقت الذي يحاكم فيه الفقراء وبسطاء المدينة على ابسط المخالفات.
مسؤولون من ولاة وعمال ورجال السلطة ومنتخبون ومدراء مؤسسات عمومية تعاقبوا على تدبير أمور المدينة اتفقوا جميعا على إجهاض احلام ساكنة المدينة في التنمية والتقدم وتفرغوا إلى تنمية ثرواتهم ومصالحهم !!فقروا المدينة وتركوا بصمة التخلف والتقهقر بادية على وجهها ورغم ذلك لم يحاسبهم أحد على جرائمهم.
إن حال مدينة فاس وواقعها يقتضي من النيابة العامة فتح مساطر الإشتباه في غسل الأموال ضد الذين استغلوا مواقع المسؤولية لمراكمة الثروة المشبوهة ورد الإعتبار لساكنتها ،كما يفرض على الحكومة الإلتفات إلى واقع هذه المدينة التي تستحق الأفضل.
إن أخطر مايهدد الدولة والمجتمع هو شيوع الفساد والرشوة ونهب المال العام وسيادة الإفلات من العقاب، لذلك يتوجب على الدولة أن تكون حازمة في مواجهة لصوص المال العام والمفسدين.
إنهم يخربون كل شيء ويقضون على الأمل في المستقبل ويدفعون الناس إلى فقدان الثقة في كل الفاعلين، إنهم الخطر الحقيقي على التنمية.