الرئسيةسياسة

لم يصدر لحد الساعة أي بلاغ رسمي لا من الرباط ولا باريس..فرنسا والمغرب والصحراء المغربية، ماذا وراء البيان الجزائري الحاد؟

صدر بيان حادّ اللهجة عن الجزائر، أمس الخميس، تحدثت فيه عن تحولات قادمة في الموقف الفرنسي تجاه قضية الصحراء المغربية، قالت فيه، إن باريس أبلغتها بقرار دعم خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لإنهاء النزاع، وهو ما اعتبرته الجزائر "قرارا غير موفق وغير مجدي".

إعداد: أحمد ناظير

ويصدر هذا الموقف الجزائري، بينما لا باريس ولا الرباط أصدرا أي بلاغ أو أي تعليق رسمي على الموضوع، ما يثير تساؤلات بشأن توقيت وخلفيات هذا التغيير في الموقف الفرنسي والذي قد يمثل تحولا دبلوماسيا بارزا على مستوى علاقات باريس بالبلدين الجارين، في حال حصوله.

وفي تحليل لصحيفة “لوموند” الفرنسية قالت إن نص البيان “لا يحدد المحتوى الدقيق للقرار الفرنسي الذي تم إبلاغه بها مسبقا، قبل الإعلان عنه رسميا في وقت لاحق”، مرجحة أن يكون ذلك بمناسبة زيارة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرباط قبل نهاية العام.

وتورد اليومية الفرنسية، أنه يبقى من غير الواضح ما إذا كانت أزمة ثنائية جديدة تلوح في الأفق عند قراءة البيان، غير أنها تشير إلى أنها ستدخل “مرحلة من التوتر “، مشيرة إلى “استخدام تهديد مبطن”، من خلال تأكيد الحكومة الجزائرية أنها “ستستخلص جميع النتائج المترتبة على هذا القرار الفرنسي الذي تتحمل الحكومة الفرنسية وحدها مسؤوليته الكاملة”.

ومن خلال إصدار تحذيرها الأخير، تسعى وزارة الخارجية الجزائرية، وفقا لـ”لوموند” إلى استباق التحول المرتقب في موقف باريس، هادفة إلى محاولة ردع هذا التغيير أو على الأقل تقليص مداه”، مما قد يشير إلى أن “الوضع لا يزال قابلا للتغيير في هذه المرحلة”.

و أبرزت “لوموند” أن الرباط تضع قضية الاعتراف بسيادتها على الصحراء المغربية محور سياستها الخارجية، وعلى هذا الأساس “أصبح من الضروري لفرنسا أن تعيد النظر في موقفها التاريخي لتلبية مطالب الرباط، حتى وإن لم يصل الأمر إلى حد الانحياز الكامل”، خاصة بعد الموقف الأميركي والإسباني من القضية.

وأكد محمد الطيار، الباحث المغربي في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، أن قرار فرنسا البدء بالاعتراف النهائي بمغربية الصحراء كان نتيجة تغير في التوازنات والمعادلات الدولية ورغبة المجتمع الدولي في طي هذا الملف بعد التأكد من عدالة القضية المغربية.

جاء ذلك، في تصريح لـ”العرب”، حيث قال: إن تشنج الجزائر من الموقف الفرنسي يوحي بأنها بدأت تدرك أن التوازنات الإقليمية حولها قد تغيرت، وحتى الاتحاد الأفريقي وضع حدا لحضور بوليساريو في الملتقيات الاقتصادية للاتحاد مع الدول الكبرى.

وأضاف أن وضع الجزائر حاليا لا يسمح لها البتّة باتخاذ أي موقف معاكس لما تسعى إليه فرنسا لأن ملف الصحراء قد تم حسمه، وهذا الأمر يدخل في إطار سلسلة من الانتكاسات التي تعرفها الجزائر.

و بشأن المتغير أو التحول المرتقب والذي أثار حفيظة الجزائر، يقول المحلل السياسي الفاتحي، في تصريح نقلته “الحرة”، إن المغرب “رفع خلال السنوات الأخيرة سقف الدعم السياسي المطلوب من فرنسا في قضية وحدته الترابية، وذلك عبر الانتقال من مجرد مواقف على مستوى مجلس الأمن إلى الاعتراف الصريح والمباشر بالسيادة المغربية على صحرائه”.

ويوظف المحلل السياسي المغربي في ذات التصريح، أن الرباط ظلت تعاتب فرنسا بأنه “كان عليها الأولى سياسيا وأخلاقيا واقتصاديا الاعتراف بمغربية الصحراء قبل الولايات المتحدة وباقي الدول الأوروبية، نظرا لحجم وقوة علاقاتهما الاقتصادية والتاريخية والسياسية الوثيقة”، وبالتالي تعرضت لضغوط للذهاب نحو هذا المنحى بعد ذلك.

ويرى الفاتحي أن فرنسا لطالما ظلت الشريك التجاري الأول للمملكة، وفهمت الرسالة التي بعثها الملك محمد السادس في خطاب “ثورة الملك والشعب” قبل سنتين والتي أكد فيها أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وبأنه المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

ويعتبر الفاتحي أن فرنسا لطالما ظلت الشريك التجاري الأول للمملكة، وفهمت الرسالة التي بعثها الملك محمد السادس في خطاب “ثورة الملك والشعب” قبل سنتين والتي أكد فيها أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وبأنه المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

في سياق متصل، ذكّرت “لوموند” بتصريحات وزير خارجية باريس، خلال زيارته للرباط، والتي قال فيها إن: “فرنسا تدرك أن قضية الصحراء تمثل مسألة وجودية للمغرب ولجميع المغاربة. لقد سبق وأن أكدنا على ذلك، وأكرره اليوم بقوة أكبر. لقد حان وقت المضي قدماً، وسأتولى هذا الأمر شخصيا”.

وأضافت “لومند” أن هذا التصريح شكل “منعطف هاما، إذ كانت المرة الأولى التي يقر فيها مسؤول فرنسي رفيع المستوى بالطابع “الوجودي” لقضية الصحراء بالنسبة للمغرب. ولا شك أن هذا الموقف أثار قلق الجزائر “، استنادا لصحيفة “لوموند”.

في هذا الجانب، يوضح حمزة، في تصريح ل”الحرة: أن “الموقف الفرنسي الأخير جاء ليمثّل الرصاصة الأخيرة التي تستطيع فرنسا إطلاقها في محاولة استفزاز الجزائر التي لم تستطع التأثير على مواقفها الثابتة، وذلك لأن مصالحها في الجزائر تراجعت، بعد أن اعتقد ماكرون أنه يمكن أن يُصلح هذا بالأسلوب القديم”.

وفي محاولة تفسير هذا التحول، يعتبر المصرح نفسه ل”الحرة”، أن “فرنسا اليوم ليست القوة التي كانت تمثلها قبل 30 سنة، ولا حتى قبل 10 سنوات، إذ أن نفوذها يتجه نحو الأفول في منطقة الساحل وفي المغرب الكبير وبالقارة الأفريقية عامة، حيث تعاني أزمات متعددة ومتكررة”.

ويتابع، أن تحولها مدفوع كذلك بـ”اعتقادها بأن ما يحصل لها في منطقة الساحل من تحولات وخسارات نفوذ بعدد من الدول وراءه الجزائر أو يحصل بموافقة منها”، مشيرا إلى أن “لهذا الكثير مما يدعمه لأن أول من نادى بعدم التدخل وطرد الأجانب من المنطقة كانت الجزائر.

هذا ويرجح الكثير من المراقبن أن اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء سيفتح الطريق أمام اعتراف أوسع في أوروبا، زيزيل التردد لدى بعض الدول التي ستستفيد من اعتراف الولايات المتحدة وإسبانيا وعدة دول أفريقية وآسيوية.
المصدر: الحرة والعرب ووكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى