اقتصادالرئسيةمجتمع

غلاء اللحوم الحمراء في المغرب: أزمة مستمرة تؤرق الأسر وتربك خطط الاستهلاك الغذائي

سوق اللحوم الحمراء: واقع مرير يعكس أزمة غلاء الأسعار

جيهان مشكور

شهدت أسعار اللحوم الحمراء في المغرب ارتفاعًا ملحوظًا، خلال الفترة الأخيرة، إذ قفزت الأسعار بشكل حاد في محلات الجزارة لتتجاوز 100 درهم للكيلوغرام، بعد أن كانت مستقرة عند حدود 75 درهمًا لسنوات طويلة.

هذا الارتفاع لم يعد مجرد تغيير عابر، بل أصبح مستمرًا في الأسواق المغربية، مما أثار قلق الأسر ذات الدخل المتوسط وأربك خططها للاستهلاك الغذائي.

ويُتوقع أن تستمر هذه الزيادات التصاعدية في الأسعار في ظل استمرار نقص العرض من الرؤوس المخصصة للذبح في المجازر الحضرية والقروية، على الرغم من القرارات الحكومية المتعلقة بالإعفاءات الضريبية ودعم الاستيراد.

أصبح غلاء أسعار لحوم الأبقار والماعز والأغنام موضوعًا راهنا في الشارع والأسواق، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تزايد حجم الشكاوى بعد انتهاء فترة عيد الأضحى، ورغم مرور أكثر من شهر على العيد، لم تعُد الأسعار إلى مستوياتها السابقة بل على العكس .

في إطار سعيها لفهم الوضع الحالي، قامت “دابا بريس” بجولة ميدانية في مدن مختلفة مثل تطوان، طنجة، القنيطرة، سلا وأكادير، لتقصي واقع سوق اللحوم الحمراء، بعد عيد الأضحى، وتزامنًا مع انتصاف فصل الصيف، الذي يُعرف عادة بزيادة استهلاك اللحوم بفعل كثرت الأعراس و المناسبات.

ولوحظ أن العديد من محلات الجزارة لا تزال مغلقة منذ شهر يونيو، خاصة في الأحياء الشعبية، مما يعكس الأزمة الحقيقية التي يعاني منها القطاع، هذا وقد سجلت الأسعار في السوق مستويات مرتفعة، حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من لحم العجل بين 100 و130 درهمًا، في حين بلغ سعر لحم الخروف، أحيانا، في بعض المدن، حوالي 160 درهمًا للكيلوغرام. كما شهدت أسعار لحم “المعزي” زيادات تدريجية.

وفيما يخص اللحوم المفضلة لدى الأسر ذات الدخل المتوسط، يرتفع سعر الكيلوغرام من “الكفتة” و”الصوصيط” في مدينة القنيطرة إلى 130 درهمًا، بينما يصل سعر كيلوغرام “الفيلي” إلى 150 درهمًا. أما “الكُوطليط” والكبدة والقلب، فتصل أسعارها إلى 160 درهمًا للكيلوغرام، مع تفاوت في الأسعار بزيادة أو نقصان 10 دراهم للكيلوغرام بين المدن والأحياء .

و في محاولة لفهم الوضع من منظور المهنيين، أجرت “دابا بريس” لقاءات مع بعض التجار، الذين أكدوا أن القطاع لا يزال في حالة توتر، وأن العديد من المهنيين لم يعودوا للعمل بعد عيد الأضحى، الشيئ الذي يعكس حالة القلق التي يعيشها كل من المهنيين والمستهلكين نتيجة استمرار غلاء الأسعار وصعوبة العودة إلى الوضع الطبيعي.

من جانبها، نبهت النائبة البرلمانية فدوى محسن الحياني إلى تأثير ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء على الطبقات الاجتماعية المختلفة، مشيرة إلى أن هذا الارتفاع يشكل عبئًا كبيرًا على الطبقة الفقيرة والمتوسطة، التي تعاني من تراجع قدرتها على شراء اللحوم.

وفي سياق متصل، حذر رئيس الجمعية الوطنية لبائعي اللحوم الحمراء بالجملة من المخاطر المرتبطة بعدم إشراك الحكومة للمهنيين في قرارات تدبير دعم الاستيراد، مؤكدًا أن أزمة العرض قد تتفاقم بسبب ضعف الواردات والأضرار التي لحقت بالقطيع الوطني نتيجة الجفاف. وأبرز أهمية مراجعة سلاسل القيمة الخاصة باللحوم الحمراء، ومعالجة مشاكل الوساطة والمضاربة، فضلاً عن التصدي لانتشار الذبيحة السرية.

في ظل هذه الأوضاع، تبقى الأسر المغربية في حالة ترقب وقلق، مما يعكس التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها ويضع الحكومة أمام مسؤولية إيجاد حلول فعالة لضمان استقرار الأسعار وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق اللحوم الحمراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى