في الحاحة إلى سلطة خامسة
كان الله في عون المقاولات الإعلامية…
التاريخية.. منها وذات الجرعة المهنية العالية…
فانخفاض المقروئية لا علاقة له بالجودة…
إنه سرطان نخر كبريات الصحف العالمية…
وكثير منها ودع قراءه بعناوين حزينة
وسرح جيشا من العاملين…
خصوصا في الدول الديمقراطية التي تعتبر المقاولة الإعلامية منظمة انتاجية مستقلة عن الدولة…
في المغرب… كادت أن تقع الكارثة…
وتصبح الجريدة الورقية في خبر كان…
تدخلت الدولة بيد ناعمة… والقوى الموازية… والمال الجبان.. وأياد
خفية… وقصية… وندية…
فعقدت الصفقات…
وكان المصلوب مسيح الصحافة في هذا الزمن” الضمير المهني”
تحملت أجور العاملين..
وتحملت عدة جهات النفقات.
وحتى ……..
خليني ساكت….
الصحيفة المرهقة عاجزة عن أداء الأجور …
عن البقاء ومنافسة صحافة جديدة غير معيارية ولكنها مطلوبة
صحافة … تأتي بالخبر… حيا صورة وصوتا. ..
فتلقفت الصحف المرهقة طوق النجاة…
المهم هو البقاء لا الفناء.
وخط التحرير لمن يتحمل الأعباء
في تناقض كبير مع مبدأ استقلالية الصحافة…
فمن يؤدي لك يحكمك
فهي سلطة رابعة…
وأصبحت بلا سلطة…
السلطة التنفيذية هي من تضمن لها البقاء…
والثمن…. هو هذا التماهي المقلق…
فقد تجد جرائد ومواقع بعضها كأنها وكلات إشهار لأخنوش والحكومة…
الخوف من الاندثار
اضطر بعض الجرائد والمواقع إلى عقد اتفاق عرفي مع جهات مانحة… ظاهرة وخفية
مع مؤسسات اقتصادية… شخصيات ملياردية…
دعم باسم الإشهار…
سخاء لخوض معارك بالنيابة…
والثمن أيضا فتح بوابات الحدائق الخلفية… بأسماء ووظائف ملتوية… تبرر الريع بفواتير وأداء مهام…
سندخل في التفاصيل يوما….
من دوزيم إلى المشاركة في فعاليات بالمقابل السخي….
والنتيجة… التماهي الكلي…
الصمت أو تبرير الهزيمة…
التغول على الصغير وتبرير اخفاقات الدناصير حتى لا يغلق صنوبر الإشهار والأجور والمهام الريعية التناوبية…
فيسكت القلم…
أو يصفق للعبث…
ما فعله أحيزون ليس غريبا…
بل الصفقة تشترط ذلك…
الإشهار مقابل الصمت
التطبيل والتبرير…
لهذا ضاقت مساحة النقد…
وتوسعت مساحات جرد إنجازات أخنوش حد العبث…
من يجرؤ على انتقاد جامعة يرؤسها رئيس موسسة اقتصادية كبرى…؟
فلا عجب…. أيها المغاربة
أن تظل الملفات الساخنة بعيدة التناول… منطقة حارقة… خط التماس الحارق…
وبعض الصحف تجيد التنكيل بالجثث…وتحويل الجلاد إلى ضحية، ما العمل..؟ فبعض الأقلام الجميلة ذات العقول النيرة في حيص بيص..؟
لم تعد تعرف ما تكتب….
لأن الكتابة أصبحت تحت الطلب، ووفق بوصلة الحاكم الإعلامي ومواقفه…
أقسم أني أعرف أقلاما تتعذب… كلمت اضطرت أن تكتب لتعيش… أقلاما… وجدت نفسها ذات صباح خارج قناعتها… فآمنت بالأجير الصحفي الذي يبني بالكلمات وفق تصميم مهندس الخط التحريري..
إنهم فقط في ورطة..
أشفق عليهم… أتفهمهم..
فأحيانا حتى ظل السلطة وغواية المال يفقدان البصيرة…
سقط الناصري ومن معه ثم كتبوا…
كتبوا بعد أن سقط..
وكتبوا بحذر… فالملف معقد…
كأن صحافتنا في بلد آخر…
لكنها معذورة…
ونتفهمها…
صعب جدا أن تنتقد ولي نعمتك…
صعب جدا أن تعض اليد التي تطعمك….
الاستقلالية صعبة…
افتح موقعا… وغامر….
فحتى من استقلوا ماليا… لهم حكايات كثيرة في الخفاء…
أحيزون… ليس إلا الظل الذي يلهينا عن سبر غور صحافة لم تعد سلطة رابعة…
منذ بدأ الكساد الأكبر للحبر والورق…
إننا في حاجة إلى سلطة خامسة مستقلة عن الدولة والرأسمال…
كيف… لا أدري…؟