لن أتنازل عن جثتي أريدها كاملة..قصة شاب من غزة أصبح رمزا بعدما تحققت أمنيته بأن يموت دون أن يتحول لأشلاء
بدأت وقائع القصة بمنشور على الحساب الشخصي لشاب يدعى إبراهيم الغولة على منصة فيسبوك
بدأت وقائع القصة بمنشور على الحساب الشخصي لشاب يدعى إبراهيم الغولة على منصة فيسبوك قال فيه:
“لا أريد أن أنتهي في كيس، أتنازل عن كل شيء عدا موتي، أريد كفنا كاملا طوله 192 سم، لن أتنازل عن جثتي أريدها كاملة، أريد ذراعي وقدمي وقلبي ورأسي وأصابعي العشرين وعيني أيضا، أريد أن أعود لرحم الأرض كما خلقت منها، نفس الأرض هنا في هذه البلد، لا أمانع إن دفنت في قبر جماعي، لكني أريد اسمي على الشاهد، وعمري كذلك، وأني هنا من هذا الوطن الذبيح، وأود برجاء حد المرار، أن يكون قبري في مقبرة حقيقية، لا شارع ولا رصيف ولا شيء آخر كأمنية أخيرة لنا وحق لنا، الوداع”.
وبعد كتابة هذا المنشور ببضع ساعات تلقى رجال الهلال الأحمر الفلسطيني بلاغ بقصف إسرائيلي استهدف منزل بشارع التلاتيني بمدينة غزة، فسارعوا لينتشلوا الضحايا من بين الركام، وكانت المفاجأة التي يحكيها علي أكرم أبو شنب صديق إبراهيم الغولة لبرنامج “غزة اليوم” المذاع على راديو بي بي سي: “كان أول الضحايا صديقي إبراهيم الغولة، وكانت المفاجأة أن جثمانه سليما تماما كما تمنى، فقط جرح قطعي في الرأس”.
ويقول علي متابعاً ما جرى: “كان مع رجال الإسعاف بالصدفة كفن بنفس طول إبراهيم وبعرض يكفي لضم طفلته الرضيعة إيفان معه في كفن واحد، إذ قتلت أيضا في الغارة الجوية لكنها لم تكن محظوظة كأبيها إذ قطع رأسها جراء القصف، كما قتلت أيضا في الغارة زوجته شيماء، وأصيبت ابنتيه فاطمة وجود بجراح خطيرة وتم نقلهما للمستشفى المعمداني”.
قصة إبراهيم الغولة لم تنته بوفاته وإنما بدأت قصته كما يرويها صديق طفولته علي أكرم أبو شنب، والذي يتحدث عن نشاط واسع في العمل الإغاثي والإنساني جمعه بصديقه الراحل بعد اندلاع الحرب قائلا:
“أنا وإبراهيم من حي الشجاعية بشمال غزة، كان صديق الدراسة إذ كنا زميلين في نفس المرحلة الدراسية، وبعد اندلاع الحرب التقينا مجددا في العمل الأخير، إذ كان إبراهيم حريصاً على دعم صمود الناس وتعزيز بقائهم في شمال القطاع من خلال توفير احتياجاتهم المعيشية الأساسية كي لا يضطروا إلى النزوح منه للجنوب”.
وبعد اقتحام الجيش الإسرائيلي الأخير لمنطقة الشجاعية وإعلانها “منطقة منكوبة” بسبب الدمار الهائل الذي تشهده والذي تستحيل معه الحياة، يتابع علي حديثه “ومع خسارة إبراهيم لمنزله بالقصف، كان يفكر كثيرا في تقديم حملات إغاثية مكثفة لأبناء الحي، وآخر رسالة وصلتني منه قبل استشهاده قال لي فيها بالنص: “يا علي ما تنسى الشجاعية.. الشجاعية تحتاج لك”.