يشهد المغرب في السنوات الأخيرة تصاعدًا في الجدل حول قضايا البيئة، ومن بين أبرز القضايا المثيرة للقلق هو ما وصفه البعض بـ”تحويل المغرب إلى مطرح نفايات”.
هذا القرار يثير مزيدا من الهواجس والمخاوف لدى المجتمع المدني والخبراء حول أن المغرب قد يصبح وجهة لاستقبال النفايات من دول أخرى، لنضيف عبأ اخر بالإضافة إلى عبئ النفايات الداخلية التي يعرف المغرب معها تحديات وصعوبات في ادارتها.
وفيما تبرر وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة استيراد النفايات، وتعتبر أن المعلومات التي تم ترويجها « مضللة وخاطئة “وتعتبر استراد النفايات مسألة ب« غير الخطرة » وتدويرها وتثمينها يشكل أحد اهتمامات جيل جديد من الفاعلين الاقتصاديين باعتبارها عملية مربحة وغير مكلفة وصديقة للبيئة، وتمتلك إمكانات كبيرة لخلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني كتحسين الميزان التجاري وتوفير أكثر من 9500 منصب شغل مباشر وغير مباشر في الصناعات الحديدية في أفق خلق ما لا يقل على60 ألف فرصة عمل بحلول عام 2030، يبقى الجدل رهين بمزيد من التوضيحات،
فهل المغرب نجح في تدوير نفايته البلاستيكية الداخلية، التي طالنا شكلت عبئا على بيئتنا الحبيبة بالرغم من اتخاد قرار منع الميكا في الاسواق المغربية لنجلب اليوم ميكا أوروبا؟
واين سيتم تدوير هذه النفايات ووضعها؟ وهل مقابل فرص الشغل التي يغني بها جل المستثمرين بما فيهم مروجوا القنب الهندي، سنضحي بسلامة المواطنين والمواطنات ونزيد من حدة ثلوث البيئة؟
بهذه الأسئلة وغيرها، حاورنا المهندس الزراعي والناشط البيئي الدكتور محمد بنعطا منسق التجمع البيئي لشمال المغرب ورئيس فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية:
سؤال: هل يمكن أن تقدموا لنا بعض الإفادات حول تأثير استيراد النفايات على البيئة والمواطنين؟
في تصريح وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة جاء أن هذه النفايات هي نفايات منزلية أو مماثلة، وعجلات مطاطية قصد حرقها لإنتاج الطاقة.
وذكرت الوزيرة أنها ليست من النفايات الخطيرة، ولكن لم توضح هل هي نفايات هامدة، يعني لا تتعرض لتفاعلات كيميائية أو بيولوجية أو لا، الشيء الذي أثار تخوفنا من هذا النوع من النفايات حيث تتعرض نظيرتها المنتجة محليا، الى تفاعلات تؤدي الى الروائح الكريهة وانبعاثات غازية وتلوث يسيئ الى البيئة والصحة العمومية.
أما بخصوص استيراد العجلات المطاطية قصد حرقها في أفران معامل الاسمنت لإنتاج الطاقة كما جاء في تصريح الوزيرة، فانه يمثل خطرًا كبيرًا على البيئة والصحة العامة، ومن أبرز المخاطر المرتبطة بهذه العملية هي :
1. انبعاثات سامة
الملوثات الهوائية:
– يؤدي حرق الإطارات إلى انبعاث غازات سامة مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون والمركبات العضوية المتطايرة. تساهم هذه المواد في تلوث الهواء ويمكن أن تسبب مشاكل في الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية لدى السكان المعرضين لها
المعادن الثقيلة:
تحتوي الإطارات على معادن ثقيلة مثل الرصاص، والكادميوم، والزنك، التي تنبعث أثناء الحرق. هذه المعادن تستمر في البيئة وتلوث التربة والمياه، مما يشكل خطرًا على صحة الإنسان والأنظمة البيئية.
الديوكسينات والفورانات:
– تتشكل هذه المركبات السامة عند حرق الإطارات في درجات حرارة غير كافية. وهي شديدة الخطورة لأنها تستمر في البيئة وتتراكم في السلسلة الغذائية، ويمكن أن تسبب السرطان واضطرابات هرمونية وأمراض خطيرة أخرى.
2- تكوين رماد سام
– ينتج عن حرق الإطارات رماد يحتوي على تركيزات عالية من المواد السامة، بما في ذلك المعادن الثقيلة، إدارة هذا الرماد معقدة، وإذا تم التخلص منه في مكبات النفايات، يمكن أن يؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية.
3- تأثيرات على المناخ
– يؤدي حرق الإطارات إلى انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وهو غاز يساهم في تغير المناخ، و نظرًا لأن الإطارات مصنوعة من مواد مشتقة من البترول، فإن حرقها يزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة
4- مخاطر على الصحة العامة
– انبعاثات الملوثات الناتجة عن حرق الإطارات يمكن أن تزيد من انتشار أمراض الجهاز التنفسي، السرطانات، والاضطرابات العصبية بين السكان القريبين من مرافق الحرق.
5- مخاطر بيئية
– بالإضافة إلى تلوث الهواء والتربة، يمكن أن يؤثر حرق الإطارات على النظم البيئية المائية، خاصة إذا وصلت الرماد السام أو المعادن الثقيلة إلى مصادر المياه.للإشارة هناك عدد من الدول الأوربية مثل ألمانيا والسويد والنرويج يمنعون منعنا كليا حرق العجلات المطاطية في بلدانهم.
6- بدائل أفضل:
إعادة التدوير:
– إعادة تدوير الإطارات المستعملة لإنتاج مطاط معاد تدويره أو مواد أخرى هو بديل أكثر صداقة للبيئة.
إعادة الاستخدام في مواد البناء:
– يمكن إعادة استخدام الإطارات في تطبيقات متعددة مثل بناء الطرق، أو إنشاء الملاعب، أو كمواد عزل.
باختصار، حرق الإطارات لإنتاج الطاقة يشكل مخاطر بيئية وصحية كبيرة، والبدائل مثل إعادة التدوير أفضل بكثير.
وهل في نظركم المغرب قادر على تدوير النفايات وله من الخبرة ما يكفي لذلك؟
ج – حسب الاستراتيجية الوطنية لخفض وتثمين النفايات في المغرب تظهر رواسب النفايات المنزلية والمماثلة المقدرة أن إجمالي الودائع الإجمالية هو 5,936,392 طن في عام 2015،
والكمية المحتملة القابلة لإعادة التدوير هي 1,446,136 طنًا، منها الجزء المعاد تدويره فعليًا فقط343,971 طن، هذه الأرقام تشير إلى أن معدل إعادة التدوير مقارنة بـإجمالي الودائع حوالي 6٪ في عام 2015.
اذن قدرة المغرب على تدوير النفايات لا تتجاوز 10٪حاليا ويفتقر الى التكنولوجية المتقدمة لإعادة تدوير واعادة استعمال بعض النفايات مثل العجلات المطاطية المستعملة أو بعض الزيوت.
وهل نحن فعلا في أمس الحاجة لهذه الصفقة و تعتبر فرصة كما جاء في تصريح الوزيرة؟
ج – هناك أنواع عديدة من النفايات وبعض الدول المتقدمة تستورد النفايات وهي قادرة على تدويرها وانتاج مواد جديدة للاستعمال بنسبة تفوق 95 ٪ ولا تخلف الا نسبة قليلة من البقايا توضع في المطارح المراقبة.
في أغلب الأحيان تصنف كنفايات هامدة، كما يتم استيراد نفايا خطيرة لمعالجتها وارجاعها لأصحابها نظرا لتوفر التكنولوجية في هذه البلدان.، بالتالي اذا أخدنا بعين الاعتبار الحفاظ على الصحة العمومية والبيئية، وتم اختيار نوع النفايات لشرط القدرة على تدويرها واستعمالها بنسبة عالية تقارب 100٪. سوف تكون فرصة يستفيد منها المغرب في هذه الحالة ، ولكن اذا كان الاستيراد لطمي النفايا في المطارح أو حرقها لإنتاج الطاقة، سيكون الضرر أكثر من الاستفادة لانه لا يخدم المصلحة العامة لبلادنا.