ففي بيان صدر عن مكتبها التنفيذي في الدار البيضاء يوم 11 شتنبر 2024، وجهت الكونفدرالية انتقادات لاذعة للحكومة بسبب نهجها أحادي الجانب في إعداد هذا القانون، ودعت إلى مراجعة شاملة لمقتضياته التي تتناقض، بحسبها، مع الدستور والمواثيق الدولية.
و اعتبرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن مشروع القانون الذي وضع بالبرلمان سنة 2016، جاء بشكل منفرد ودون مشاركة حقيقية للنقابات، مما يجعله، بحسب تعبيرها، “تهريباً” لمشروع قانون تنظيمي يمس مباشرة بالطبقة العاملة.
وفي السياق ذاته، أكدت المنظمة أن هذا النهج يضرب مؤسسة الحوار الاجتماعي في عمقها، مشيرة إلى أن موقفها الرافض لهذا المشروع كان واضحاً منذ البداية، وتكرس خلال جلسات الحوار مع الحكومة ومؤسسات أخرى.
كما أبرزت الكونفدرالية، في بيانها، أن هذه المقاربة دفعتها إلى خوض العديد من المعارك النضالية لفرض إعادة المشروع إلى طاولة الحوار الاجتماعي، مؤكدة أن الإضراب حق عالمي ومكتسب تحقق بفضل نضالات الطبقة العاملة ضد الاستغلال، وهو حق تعترف به منظمة العمل الدولية ولا يمكن فصله عن الحق النقابي، وفقاً للاتفاقية الدولية رقم 87.
في نفس السياق، أثار البيان انتقادات حادة لمضمون مشروع القانون التنظيمي للإضراب، حيث اعتبرت الكونفدرالية أنه يقيد بشكل كامل ممارسة هذا الحق من خلال وضع شروط تعجيزية لاتخاذ قرار الإضراب، مما يجعله بدون تأثير فعلي.
وأضافت أن القانون المقترح يحد من أنواع الإضرابات، ويمنع بعضها بشكل صريح أو ضمني، كما يحرم فئات واسعة من العاملين من هذا الحق، مما يتناقض مع مقتضيات الاتفاقية الدولية والدستور المغربي.
الكونفدرالية لم تكتفِ بالتحليل النقدي لمشروع القانون، بل أبدت رفضها القاطع له خلال جلسات الاستماع بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مؤكدة تمسكها بحق الطبقة العاملة في الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والاجتماعية عبر الإضراب.
في خضم انتقادها لمشروع قانون الإضراب، طالبت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الحكومة بإلغاء ومراجعة التشريعات التي تنتهك الحرية النقابية، من بينها الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يتيح اعتقال و محاكمة النقابيين بدعوى عرقلة حرية العمل. كما دعت إلى المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 لضمان حماية أوسع للحقوق النقابية.
و وفقاً للبيان، تعتبر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن الإضراب ليس مجرد وسيلة ضغط بل ركيزة أساسية للحرية النقابية، وآلية ضرورية للتضامن الاجتماعي والعمالي، وللدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة. وأشارت إلى أن الإضراب، في بعض الأحيان، يتحول إلى مبادرة وطنية للدفاع عن القضايا الدولية والوطنية، مما يبرز أهميته كآلية اجتماعية وسياسية.
كما شددت الكونفدرالية على ضرورة أن يكون مشروع قانون الإضراب نتاج حوار مجتمعي شامل يستحضر السياق الاجتماعي بكل تعقيداته، مؤكدة أن الهدف يجب أن يكون تعزيز المكتسبات التاريخية واحترام حقوق الإنسان.
في خطوة نضالية جديدة، دعا المكتب التنفيذي للكونفدرالية جميع الاتحادات الكونفدرالية المحلية والإقليمية إلى عقد مجالس موسعة يومي 21 و22 سبتمبر 2024، وذلك لتوضيح موقف الكونفدرالية من مشروع القانون التنظيمي وللتعبئة ضد أي محاولة للنيل من مكتسبات الطبقة العاملة، مؤكدة استعدادها لمواجهة أي تهديدات تستهدف تقليص حقوق العمال وحقوقهم في ممارسة الإضراب، و أي محاولة للمساس بهذا “المكتسب التاريخي”.
البيان الصادر عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يعكس حالة الغضب والتوتر داخل الأوساط النقابية في المغرب تجاه مشروع القانون التنظيمي للإضراب. يأتي هذا الموقف في ظل جدل مستمر حول دور الحكومة في حماية الحقوق النقابية، وسط مخاوف من تقليص المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة.