
شهدت منطقة تدارت بأكادير، في مشهد يبعث على القلق والاستياء، كارثة جديدة بطلها حافلة نقل تابعة لشركة “ألزا”، التي أصبحت رمزاً لفوضى النقل العمومي، وذلك بسبب تحفيز مالي مشبوه وغياب الرقابة.
وفقًا للوقائع، عمدت الشركة إلى إغراء السائقين بنظام تحفيزي مبني على عدد الركاب؛ إذ تمنح مكافأة على كل راكب إضافي شرط تجاوز 500 راكب في مجموع الرحلات.
مع كل راكب يجني السائق 4 ريالات إضافية، لتكون النتيجة كارثية: تحول السائقون إلى منافسين شرسين يتهافتون على تحميل الحافلات بعدد مهول من الركاب، دون أي اعتبار لمعايير السلامة أو الطاقة الاستيعابية للحافلات.
هذه السياسة التحفيزية جعلت السائقين يتجاهلون الأعطال الميكانيكية للحافلات، تفادياً لأي تأخير قد يحرمهم من المكافأة، و بدلاً من الإبلاغ عن الأعطال وصيانة الحافلات، بات التركيز ينصب على استغلال أكبر عدد ممكن من الرحلات مهما كانت حالة الحافلة، هذا السلوك الخطير أسفر اليوم عن فاجعة جديدة، حيث اشتعلت النيران في إحدى الحافلات بعد أن تجاوزت طاقتها الاستيعابية بشكل كبير وكانت تعاني من أعطال ميكانيكية ظاهرة، الحافلة كانت محملة بأكثر من 229 راكباً في رحلة واحدة، وهو عدد يفوق بكثير حدود السلامة المعقولة، حيث بات الركاب أشبه بالدواجن المحشورة في شاحنة للنقل.
هذا الحادث يثير تساؤلات حارقة حول المسؤولية.
أين هي الجهات الرقابية؟ أين هم المسؤولون عن سلامة النقل في المدينة؟ هل تم التخلي عن حقوق المواطنين لصالح جشع الشركات الخاصة؟ التعامل مع المواطنين بهذه الطريقة، وتحويلهم إلى مجرد أرقام ضمن مخططات ربحية، يثير شعوراً بالخزي والإهانة. ما وقع اليوم في تدارت ليس مجرد حادث عرضي، بل هو نتيجة مباشرة لسياسات فاشلة وغياب الرقابة، وكل ذلك على حساب أرواح وسلامة المواطنين.
إن هذا الحادث يستدعي تدخلاً فورياً من الجهات المعنية. يجب إعادة النظر في العقود التي تمنح لشركات النقل، ووضع معايير صارمة تضمن سلامة الركاب، كما يتعين على السلطات المحلية فتح تحقيق عاجل في ملابسات الحادث، ومحاسبة كل من تهاون في أداء واجبه أو ساهم في تدهور حالة النقل العمومي في المدينة.