العرب في الحال والمآل
فرضيتان في حال ومآل العدوان على فلسطين ولبنان. الأولى، أن يذهب الكيان، لا قدر الله، في خطته الشيطانية، والجهنمية، إلى آخر نقطة من الحدود التي يسْتمِدُّها من “أساطير الأولين”، وأن يخيط ثوباً جديداً على مقاس أوهامه ل”الشرق الأوسط الجديد”، ويُصْبِغ أليافه باللون الصهيوني، الكولونيالي، العنصري.
آخر نقطة، في ألواحه، تبدأ من البحر وتقف عند النهر، ثم تسْري إلى ما بعد النهر. الخريطة المبسوطة أمام الملأ تشمل، فضلاً عن فلسطين، ولبنان، أراضي سوريا، والعراق، ومصر، والأردن، والسعودية، وباقي دول الخليج.
كل هذه البلدان سوف يبتلعها الكيان تباعاً، ويأخذها غلاباً، بالمجّان، لا بصبغ ثمنها. عند هذه النقطة القصوى لن تكون هناك إمكانية للتدارك، ولوقف السقوط ، وتلافي الفوات، فلن ينجو سعد بعد أن هلك سعيد.
الفرضية الثانية، أن يجيء النصر على يد المقاومة، وأن ينكسر الكيان، وتنكسر معه أحلامه الوردية.
هذا ما يتمناه المرء، وما هو بالبعيد. الشرق الأوسط لن يبقى على ما هو عليه من حال، بل سينتقل إلى مستوى آخر من “التوازن الأمثل” بين القوى الإقليمية، ومنها إيران بقوة الأشياء. توازن أمثل لن يكون فيه، بالتأكيد، أي دور يذكر للبلدان العربية التي راهنت على استراتيجية “الراكب المتسلل” (passager clandestin).
فرضيتان أحلاهما مُرٌّ، ومآلٌ للعرب أسوأ من الحال. ألمْ يعد في الإمكان أبدع مما كان؟ بلى، ما تزال هناك خلسة أخيرة قبل الفناء، أن ينهض العرب من السبات العميق، والطويل، وأن يقفوا في الخندق الصحيح، مع من يذود عن حياضهم، سُنَّةً وشيعةً، ويستجيبوا، قولاً وعملاً، لمن من الأهل يُقتل ويُباد منذ عام ونيف، ويسْتصْرِخُهم منذ سبعين سنة ونيف. وكما يقول
Paul Claudel :
”Le pire n’est pas toujours possible”