شهدت التكوينات الخاصة بتنزيل الأنشطة الموازية في إعداديات الريادة بالمغرب موجة من الجدل والاعتراضات، إثر إدراج برامج تتضمن عرض أفلام سينمائية وُصفت بأنها”غير تربوية” وتتنافى مع القيم الأخلاقية التي يُفترض أن تسود في المؤسسات التعليمية.
وقد خُصص التكوين الأخير لتأهيل الأساتذة المكلفين بتفعيل أنشطة التفتح العلمي، والثقافة المقاولاتية، والمسرح، والسمعي البصري، غير أن جزءاً من البرنامج المخصص للسينما أثار توتراً بين المشاركين بسبب طبيعة الأفلام المقترحة للعرض في المؤسسات التعليمية.
وحسب مصادر من عين المكان، فقد فوجئ عدد من المشاركين في اليوم الأول من التكوين بوجود قائمة أفلام موجهة للعرض على التلاميذ، تحتوي على عناوين اعتبرها البعض غير ملائمة للفئة العمرية المستهدفة، ومن بين هذه الأفلام “كيد النساء” و”البحث عن زوج امرأتي”،وعلي صوتك” للمخرج نبيل عيوش، وهي أعمال تضمنت مشاهد وصفها بعض الأساتذة بأنها قد “تخدش الحياء”، ولا تحقق الأهداف التربوية المطلوبة.
وأدى هذا الاختيار إلى احتجاجات واسعة بين المشاركين، حيث انسحب بعضهم من الورشة، معتبرين أن هذه الأفلام تروج لمضامين لا تناسب المراهقين الذين لا يزالون في مرحلة النمو المعرفي والعاطفي.
واضطر تزايد الجدل داخل الورشة ممثلي الأكاديمية، خصوصاً في أكادير، إلى التدخل، حيث دافعوا عن فكرة “الانفتاح على الفنون” وأهمية عدم فرض وصاية على الأذواق”.
و انقسمت الآراء بين المكونين وممثلي الوزارة، حيث رأى بعض الأساتذة أن لهم حرية اختيار الأفلام التي تتناسب مع طبيعة المؤسسة وتلاميذها، فيما أصر آخرون على ضرورة الالتزام بالدليل الرسمي المعتمد من طرف الوزارة، بوصفه مرجعية وضعتها لجنة مختصة.
وبحسب مصادر من وزارة التربية الوطنية، فإن هذه التكوينات، التي تنفذ بشراكة مع جمعية “علي زوا”، تأتي في سياق تطبيق خارطة طريق الإصلاح التربوي 2022-2026، التي تسعى إلى تعزيز جودة التعليم العمومي.
وتركز الخارطة في برنامجها الثالث على إعداديات الريادة، وفي برنامجها الرابع على الأنشطة الموازية، بهدف تحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بتعزيز التفتح والمواطنة لدى التلاميذ، وذلك عبر تنويع الأنشطة الموازية في هذه المؤسسات والارتقاء بجودتها بما يتماشى مع ميولات التلاميذ وقدراتهم.
يبرز هذا النقاش تبايناً واضحاً في الرؤى بين إدماج الفن في العملية التعليمية والحفاظ على القيم التربوية داخل المؤسسات التعليمية، ما يطرح تساؤلات ملحة حول المعايير التي يجب اتباعها لضمان تنوع فكري سليم للأجيال الناشئة.
حيث يَكمن التحدي في إيجاد توازن بين تعزيز الانفتاح الثقافي وتجنب الانزلاق نحو التزمت أو النظرة الأحادية.
وفي الوقت ذاته، لا يمكن إغفال واقع العصر الرقمي، الذي يتيح للشباب الاطلاع على محتويات أكثر جرأة عبر وسائل متعددة، بعيداً عن التوجيه أو الرقابة، وهو ما يثير تساؤلات حول دور المدرسة في توجيه هذا الاهتمام بالفن والثقافة بطرق مدروسة وآمنة، بحيث لا تكون المؤسسة التعليمية مجرد طرفٍ يفرض قيوداً، بل موجهًا يحفّز الفكر النقدي ويسهم في بناء وعي متكامل لدى المتعلمين.