الرئسيةسياسة

تقرير مفصل…مجلس الحسابات وهيئة النزاهة على مرمى حجر بمجلس النواب والراشدي والغلوسي يعلقان

تحرير: جيهان مشكور

شهدت أروقة البرلمان المغربي جدلاً كبيراً حول تزايد حالات متابعة البرلمانيين بتهم فساد متعددة، إذ ارتفع عددهم من 34 إلى 40 برلمانياً، من بينهم نواب من فرق الأغلبية والمعارضة، بسبب قضايا تتعلق بالفساد، والتلاعب في الصفقات العمومية، وتبديد الأموال العامة، والرشوة، والابتزاز، والاختلاس، وتزوير الوثائق. ورغم حساسية هذه الملفات، اعتبر بعض البرلمانيين أن تسليط الضوء الإعلامي على هذه المتابعات يأتي في سياق استهداف سياسي قد لا يخدم العدالة بل يسيء لصورة البرلمان ككل.

وخلال اجتماع لجنتي العدل والتشريع والمالية والتنمية الاقتصادية نهاية الأسبوع الماضي، الذي خُصص لمناقشة ميزانية المجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، أعرب نواب عن استيائهم من استخدام تقارير المجلس الأعلى للحسابات في حملات وصفوها بـ”الانتقامية”، وأكدوا على أهمية ربط المسؤولية بالمحاسبة وفق القانون، إلا أنهم طالبوا بحماية المؤسسات من تسييس تقارير الرقابة المالية وتحويلها إلى أدوات لتصفية الحسابات الشخصية.

النائب العياشي الفرفار من الفريق الاستقلالي، أبدى استياءه مما أسماه بـ”الاستغلال السياسي” لتقارير المجلس الأعلى للحسابات، مشيراً إلى أن هناك أطرافاً تستغل هذه التقارير كسلاح سياسي لتحقيق مصالح ضيقة أو للانتقام من مدبرين عموميين، معتبراً أن هذا الوضع يستدعي اتخاذ إجراءات فورية لضمان حيادية المؤسسات الرقابية وحمايتها، خصوصاً فيما يتعلق بالمسطرة الجنائية.

كما أضافت النائبة قلوب فيطح من فريق الأصالة والمعاصرة موقفها الداعم لعمل المجلس الأعلى للحسابات، مشيرة إلى أن هذا النموذج الرقابي يشكل حماية للمال العام، إلا أنها أكدت على رفضها للتحركات التي تسيء لصورة المؤسسات المنتخبة، من خلال تقديم شكاوى كيدية لا تستند إلى وقائع ملموسة، معتبرة أن تلك الشكاوى غالباً ما تنبع من نزاعات شخصية أو حسابات فردية، مما يشوه الهدف الرئيسي من الرقابة على المال العام.

من جانبه، أعرب عبد العزيز كولوح، الكاتب العام للمجلس الأعلى للحسابات، عن استغرابه من حالة القلق التي تنتاب بعض المسؤولين المنتخبين عند تحرك المجلس الأعلى للحسابات أو المجالس الجهوية التابعة له، موضحاً أن الخوف ليس له ما يبرره إلا في حالات معينة، كحالات الاختلاس المتعمد للأموال العامة. وأوضح أن دور المجلس هو الإبلاغ عن الجرائم المالية وفق القانون، مؤكداً في الوقت نفسه على أن المدبر العمومي الذي يتم استدعاؤه أمام المجلس الأعلى للحسابات ليس بالضرورة متهماً بالفساد، بل قد تكون المخالفات ناتجة عن سوء تدبير أو عن حسن نية في بعض الأحيان.

وفي ختام الاجتماع، دافع بعض النواب عن زملائهم المتهمين بالفساد، واعتبروا أن بعض التقارير الإعلامية تهدف إلى الإساءة إلى البرلمان، وأكدوا أن التهم الموجهة لبعض البرلمانيين تأتي بصفتهم رؤساء المجالس الترابية وليس بصفتهم البرلمانية، مما يعني أن هناك استغلالاً سياسياً لهذا الوضع بهدف تشويه صورة البرلمان والتقليل من مصداقية عمله التشريعي والرقابي.

بشير الراشدي:وضعية الفساد في المغرب لا تزال غير مرضية

في سياق متصل، رد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، مؤكداً أن وضعية الفساد في المغرب لا تزال غير مرضية، وأن التصدي لها يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية من خلال التوعية وتطبيق القانون، وسد الثغرات التي يستغلها المفسدون.

وكان الراشدي في وقت ستبق، معلقا على مرور  أزيد من عشر سنوات على إطلاق المغرب للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، قال، إنه  لا زالت كل النتائج المحصلة في مجال محاربة الفساد معاكسة تماما الأهداف المعلنة، حيث تراجع المغرب في جل المؤشرات التي كان يعلن عزمه التقدم فيها، وسط حديث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة عن ضعف التفاعل الحكومي مع توصياتها، وضعف التبليغ عن حالات الفساد، وعدم عقد الحكومة لاجتماع لجنة مكافحة الفساد، والتي لم تجتمع إلا مرتين في عشر سنوات.

وأكد محمد البشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في 8 أكتوبر 2024، خلال تقديمه للتقرير السنوي لهيئته خلال 2023، أن المغرب لم يحسن وضعه في مؤشرات محاربة الفساد وتقدم بنقطة واحدة خلال عشرين سنة، كما سجل تراجعا في ثلاث مؤشرات وسجل نتائج سلبية في ثلاث أخرى، في الوقت الذي كان يخطط لتحسين وضعه في كل المؤشرات.

وسجل المتدث ذاته، عدم التفاعل مع توصيات الهيئته الواردة في تقاريرها السابقة، أو حديثه عن “تجاوب نسبي” خلال السنة الأخيرة مقارنة مع السنوات التي سبقتها، كما تحدث الراشدي عن “تفاعل إيجابي” من الحكومة مع توصيات هيئته السابقة بخصوص مشاريع القوانين المتعلقة بحماية الموظفين المبلغين على الفساد وتضارب المصالح، عل ىالرغم من استمرار وجود “نواقص” في النصوص التشريعية.

الغلوسي: لوبي زواج سلطة المال والسلطة وتضارب المصالح يضيق

في السياق ذاته، قال محمد الغلوسي، إنه، بعد إصرار لوبي زواج السلطة بالمال وتضارب المصالح على التضييق على جمعيات المجتمع المدني، وقطع الطريق عليها في ممارسة دورها الدستوري والقانوني والحقوقي في التبليغ عن جرائم نهب المال العام، وتكبيل يد النيابة العامة في تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية بخصوص هذه الجرائم، وفق منطوق المادة 3 من مشروع المسطرة الجنائية، انتقل لوبي الإثراء غير المشروع إلى الهجوم على الهيئة الوطنية للنزاهة.

وأضاف،  رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن هناك هجوما على الهيئة كمؤسسة دستورية، مع العمل على تسفيه عملها وحشرها في الزواية في إطار التضامن الحكومي، تقعيدا للممارسات المنافية لقواعد وأخلاقيات المرفق العمومي، وتحويل هذا الأخير إلى وسيلة لخدمة المصالح الخاصة وتعميق الفساد في الحياة العامة وتحويله إلى أسلوب لممارسة السلطة.

وتابع رئيس حماة المال العام، أن  ذات اللوبي عمد من قبل إلى تجميد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومعها اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد كآلية لمتابعة تنفيذ البرامج والإجراءات الواردة في ذات الإستراتيجية، مع تهريب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع، مضيفا انه و “ولكي يبعث لوبي الفساد كل الإشارات الضرورية لكل من يهمه الأمر، فإنه عمد إلى توظيف السلطة والآليات القانونية “لإعادة التربية” لكل من هو في حاجة إلى ذلك، ووقفه عند حده، لأن للدار أهلها وأسيادها”.

في السياق ذاته، أشار الغلوسي، أن اللوبي نفسه، عمد إلى تقليص ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة بما قدره 60 مليون درهم، خلال السنة المالية 2025، بالمقارنة مع ميزانيتها خلال سنة 2024، معتبرا،  أن هذا التقليص يأتي كجواب على تقرير الهيئة الذي تحدث عن كون الفساد يستنزف مايقارب 50 مليار درهم سنويا وأيضا لكون الهيئة أشارت من خلال تقريرها إلى عدم تجاوب الحكومة معها وتجميد عمل اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى