تستمر أسعار الوقود في المغرب في الارتفاع بشكل غير مبرر، رغم التراجعات الملحوظة التي شهدتها أسواق النفط العالمية مؤخرًا.
و سجلت أسعار النفط انخفاضًا كبيرًا في التعاملات الآسيوية المبكرة ليوم الجمعة 15 نونبر الجاري ، حيث تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 30 سنتًا، أو 0.41%، لتستقر عند 72.26 دولارًا للبرميل.
كما انخفضت العقود الآجلة الخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بـ 25 سنتًا، أو 0.36%، إلى 68.45 دولارًا للبرميل.
ورغم هذه التراجعات، تشير التوقعات إلى أن خام برنت قد يسجل انخفاضًا أسبوعيًا بنحو 2.2%، بينما يتوقع أن ينخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 2.7%.
تأتي هذه الوقائع في وقت تتوقع فيه وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز العرض العالمي للنفط الطلب في 2025، رغم تخفيضات الإنتاج المستمرة من تحالف أوبك بلس، في ظل زيادة الإنتاج الأمريكي ومصادر أخرى.
و يثير الوضع في المغرب تساؤلات مشروعة حول السبب وراء استمرار ارتفاع أسعار الوقود المحلي، وانخفاضه بسنتيمات قليلة، في الوقت ذاته التي تواصل فيه الأسواق العالمية هبوطًا مستمرًا لهذه المادة الحيوية وانعكاستها المباشرة على باقي الأنشطة الأخرى، ليبقى المواطن المغربي محاصرًا بأسعار وقود مرتفعة، ما يزيد من أعبائه الاقتصادية، ومما يشعل معها الأسعار التي ترقص عاليا وتشمل مجمل المواد الحيوية في قفة المغاربة.
وتتجاهل الحكومة تمامًا تأثير التراجعات العالمية على الأسعار المحلية، مما يقوي من الاتهامات الموجهة لها والتي تتحدث عن ححالة التنافي وزواج المال بالسلطة، و مما يطرح سؤالا بسيطا لكنه معبر: لماذا لا ينعكس انخفاض الأسعار العالمية على المحطات المغربية؟ ألم يحن الوقت للسلطات المغربية أن تضع مصلحة المواطن في المقام الأول وتخفف من وطأة هذا العبء الاقتصادي المتزايد؟ أم سيستمر لوبي المحروقات يفرض إرادتها ولو على حساب جيوب المواطنيين وتدهور وضعيتهم بما فيها تدهور وضعية الطبقة الوسطى ضمان الازدهار والتنمية وارتفاع وتيرة النشاط الاقتصادي.
وسيق للكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز الحسين اليماني، أن قال: إن أرباح الفاعلين في قطاع المحروقات ما زالت مرتفعة، مؤكدا أنه لا زال بمقدور الحكومة تنزيل عدد من الإجراءات لوضع حد الأرباح الفاحشة لشركات المحروقات بالمغرب.
وأكد اليماني في وقت سابق، و في تصريح مكتوب أنه إن قررت الحكومة الرجوع لتسقيف وتحديد أسعار المحروقات ، على قاعدة الحسابات التي كان معمول بها قبل نهاية 2015، فإن ثمن لتر الغازوال، في محطات التوزيع بالمغرب، يجب أن لا يتعدى 9.83 درهم وثمن لتر البنزين، يجب أن لا يتعدى 10.92 درهم، وذلك خلال النصف الأول من شهر أكتوبر 2024.
وأسس اليماني توقعه للأثمنة الذي من المفترض أن تعتمدها شركات المحروقات كثمن بيع نهائي، بناء على عدد من المعطيات المتعلقة بأثمنة المحروقات في السوق الدولية كمتوسط الثمن لطن الغازوال في السوق الدولية، الذي يناهز 674 دولار ومتوسط ثمن طن البنزين، الذي يناهز 667 دولار، وكذا متوسط صرف الدولار (9.74).
وأضاف أنه بتحليل الثمن الحالي للغازوال،(الاكثر استهلاكا في المغرب)، يتكون من 38٪ فقط من ثمن النفط الخام، في حين تقسم 60٪ من الثمن بين أرباح الفاعلين (22٪) والتكرير والضرائب والتوصيل (38٪), وهو ما يعني، بأن الحكومة في مقدورها، تخفيض أسعار المحروقات ، من خلال تنزيل أرباح الموزعين والعودة لتكرير البترول في المغرب بإحياء شركة سامير وبمراجعة الثقل الضريبي على المحروقات.
في السياق ذاته، حمل اليماني، مسؤولية الوضع الحال وفق التصريح ذاته، للحكومة الحالية التي ترفع شعار الدولة الاجتماعي مقابل افتراس القدرة الشرائية لعموم المغاربة واستمرار موجة الغلاء، المرتبطة أساسا بارتفاع أسعار المحروقات، مشيرا إلى أنها تنتهج سياسة “التفرج أو التشجيع على سرقة جيوب المغاربة، مقابل الكسب غير المشروع للفاعلين في القطاع”.