شهد المغرب خلال العقد الماضي ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأجانب الذين اختاروا الاستقرار به، حيث ارتفع العدد من 86 ألف شخص في عام 2014 إلى أكثر من 148 ألفًا خلال العام الجاري. هذه الزيادة التي تقارب 72% في عشر سنوات أثارت العديد من التساؤلات حول العوامل التي جعلت المغرب وجهة جذابة لهؤلاء الأفراد للاستقرار والعيش.
تقول سميرة مزبار، الباحثة المتخصصة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، إن المغرب شهد تحولًا جوهريًا في السنوات الأخيرة، حيث انتقل من كونه مجرد “نقطة عبور” للمهاجرين، لا سيما القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء في طريقهم إلى أوروبا، إلى بلد يفضل العديد منهم الاستقرار فيه، وأرجعت هذا التغير إلى توفر فرص عمل في قطاعات باتت أقل جاذبية للعمالة المحلية.
وأوضحت مزبار أن المهن التي أصبحت محط اهتمام الأجانب تتنوع بين القطاعات المنزلية وقطاع البناء، ففي مجال الخدمات المنزلية، ارتفع الطلب بشكل ملحوظ على وظائف مثل مربيات الأطفال وعاملات المنازل، وهي وظائف لم تعد تحظى باهتمام كبير من قبل المغاربة خلال السنوات الأخيرة.
وفي قطاع البناء والأعمال الشاقة، أشارت إلى أن هناك حاجة متزايدة للعمالة في هذا المجال، ما جعل المغرب وجهة جذابة للعديد من الأفراد القادمين من جنوب الصحراء الذين يبحثون عن فرص لتحسين ظروفهم الاقتصادية.
عوامل أخرى تعزز من جاذبية المغرب كوجهة للاستقرار تتعلق بالاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تنعم به البلاد، فضلًا عن وجود قوانين تتيح فرص الإقامة والعمل بشكل أسهل مقارنة بدول أخرى, كما أن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب ساهمت في توفير فرص عمل في مجالات تتطلب عمالة ماهرة وغير ماهرة.
مع هذا النمو المتزايد في أعداد الأجانب المقيمين بالمغرب، يتوقع أن تزداد أهمية إدماج هذه الفئة في المجتمع المغربي على مستوى السياسات الاجتماعية والاقتصادية، ما يتطلب من الدولة والمجتمع النظر في كيفية التعامل مع هذا التحول الذي يمكن أن يشكل فرصة لتحقيق مزيد من التنوع والتكامل داخل النسيج المجتمعي.
يبدو أن المغرب أصبح أكثر من مجرد محطة عبور، بل وجهة حقيقية لأشخاص يبحثون عن فرص جديدة، مما يجعله نموذجًا لتغيرات ديناميكية على خريطة الهجرة الإقليمية والدولية.
