الرئسيةرأي/ كرونيك

تحليل الإنجازات الاقتصادية وفاتورة الكرة بالمغرب.. قراءة في أرقام المديونية وسياسات الأولويات

بثينة المكودي

أصبح اسم فوزي لقجع  في السنوات الأخيرة مرتبطًا بشكل وثيق بعالم كرة القدم، حيث نجح في تحقيق العديد من الإنجازات داخل هذا الميدان، على رأسها دعم المنتخب المغربي الذي وصل إلى مراحل متقدمة في البطولات العالمية، لكن خلف هذه الصورة الرياضية اللامعة، هناك جانب آخر من حياة لقجع المهنية قلّ من يعرفه أو يتحدث عنه، وهو دوره كمسؤول مالي رفيع المستوى على مدى سنوات طويلة.

فوزي لقجع، الذي شغل منصب مدير الميزانية في وزارة المالية بين عامي 2010 و2021، ويشغل حاليًا منصب الوزير المنتدب المكلف بالميزانية منذ 2021، كان لاعبًا رئيسيًا في وضع السياسات المالية وتسيير شؤون الاقتصاد الوطني، ومع ذلك، يثير أداء المغرب الاقتصادي في عهده تساؤلات حول الأولويات ومدى توازن السياسات المالية مع احتياجات المواطنين.

فبحسب الأرقام الرسمية، وصلت مديونية الخزينة المغربية بنهاية سنة 2023 إلى حوالي 101 مليار دولار، عند تقسيم هذا الرقم على تعداد السكان البالغ حوالي 36 مليون نسمة، يتضح أن نصيب الفرد من الديون يبلغ 2800 دولار.

“يعني  وبالدارجة المغربية!! “وانتم جالسين في القهوة كمتفرجون في المنتخب راه في ذمتكم “كريدي ديال 2.8 مليون” “خاصك تخلصها انت و كل فرد في الاسرة ديالك، بمعنى “اسرة فيها 5 ديال الافراد خاصها تخلص كريدي ديال 14 مليون ”

هذه الأرقام توضح مستوى العجز المالي وارتفاع المديونية التي أصبحت تشكل عبئًا على المواطن العادي، سواء في شكل ضرائب أو انخفاض في القدرة الشرائية نتيجة ارتفاع تكلفة المعيشة، و في الوقت الذي يُعتبر فيه الاستثمار في الرياضة، وخاصة كرة القدم، أداةً لتحسين الصورة الدولية وجلب موارد سياحية واقتصادية، يظل السؤال المشروع: هل تُعتبر الكرة قطاعًا يُمكن أن يُحقق عوائد مباشرة تعود بالنفع على المواطن المغربي العادي؟

و مع الدعم الحكومي الكبير الذي يحظى به القطاع الرياضي، وخاصة كرة القدم، تثار تساؤلات حول ما إذا كان هذا الدعم يتناسب مع المردودية الفعلية،و الأولويات الحقيقيةللمولطن المغربي، فبينما يحقق المنتخب المغربي إنجازات رياضية تُسعد الجماهير، يظل هذا الدعم محل انتقاد بالنظر إلى تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى، مثل التعليم، والصحة، وتوفير فرص العمل.

في هذا الإطار وجب الاعتراف انه من غير العادل تحميل شخص واحد كامل المسؤولية عن الوضع الاقتصادي الحالي، فالمديونية هي نتاج تراكمات سياسية واقتصادية تمتد لعقود، ومع ذلك، فإن الأدوار التي شغلها لقجع، سواء كمدير للميزانية أو كوزير منتدب مكلف بها، تجعله في موضع المساءلة، خاصةً بالنظر إلى استمرار العجز المالي وتضخم الدين العام خلال فترة توليه المسؤولية.

وفي ظل معانات المواطن البسيط من سياسة القجع و ترتيبه للأولويات يظل  طلب إعادة النظر فيها طلبا مشروعا.. فبدلاً من التركيز المفرط على كرة القدم، قد يكون من الأجدى إعادة توجيه الموارد نحو قطاعات أكثر حيوية مثل التعليم، والصحة، والتنمية الاقتصادية، فهذه القطاعات هي التي تُحدث تأثيرًا مباشرًا ومستدامًا على جودة حياة المواطن، على عكس الفرح العابر الذي تُقدمه إنجازات كرة القدم، فالإنجازات الرياضية تُعتبر مصدر فخر وطني، إلا أن هذا الفخر يأتي بتكلفة باهظة.

إلاّ وإذا كان مبدأ الجمهور يريد!! هو الغالب ، فهنا المسؤولية مشتركة فيما يؤول اليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي!!

لا شك أن الرياضة، وخاصة كرة القدم، تُشكّل جزءًا من “الهوية الوطنية” وتعزز الوحدة بين المواطنين، ومع ذلك، فإن السياسة المالية والاقتصادية لأي بلد يجب أن تكون مبنية على أولويات واقعية تُراعي احتياجات المواطنين بشكل مباشر.

وفي ظل المديونية المرتفعة وتحديات التنمية، يبقى السؤال مفتوحًا حول جدوى منح الكرة هذا الدعم الكبير، وما إذا كانت تستحق حقًا أن تكون قطاعًا ذا أولوية على حساب قطاعات حيوية أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى