“جدل العلمانية”..التوفيق: الدولة دولة إمارة المؤمنين، وبن كيران، جهات معادية ومغرضة أرادت أن تستغل تصريحك لتركب عليه
وجه أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أمس الثلاثاء، رسالة إلى عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي كان وجه له انتقادا في سياق تصريحه الأخير في البرلمان، بخصوص مسألة العلمانية، حيث سجل عليه أنه ينتمي لحزب سياسي بمواصفات عصرية وذات مرجعية تنتمي لغرب علماني، وأن حزبه عقد تحالفات مع أحزاب سياسية لا تشاطره نفس قناعاته الدينية ما يعتبر "خلطة متأصلة في مطبخ العلمانية"
قال ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، “إنني أتعرض لهجمات لا يكادُ يُحصيها المحصون، ولكنني لا أُبالي بمُعظمها لما أعلم من إغراض مقترفيها، إلاَّ أن رسالتك كان لها وقع آخر فتناولت قلمي أنا المُقلُّ في الكتابة لا لأرد عليك ولكن فقط لأوضح لك بعض المعطيات عسى أن تصحح لك الواقعة بالضبط”.
جاء ذلك، في رسالة وجهها ابن كيران لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في رد على ما بات يعرف إعلاميا، ب”جدل العلمانية”، حيث كان التوفيق، قال: إن ابن كيران تحدث بطريقة فهم منها الجمهور أنه أقر بعلمانية الدولة، مؤكدا نفيه القاطع لذلك، حيث أكد أن: “ذكرت ما فهم منه الناس أنني قلت إن الدولة في المغرب علمانية، وأنا لم أذكر الدولة؛ لأن الدولة دولة إمارة المؤمنين، وأنت تعرف أنني، بفضل الله، خديماً في باب تدبير الدين منذ أزيد من عقدين من الزمن”.
وأضاف التوفيق أن مثل هذه التصريحات لا يمكن أن تغير الحقائق المتعلقة بالدين ومكانته في الدولة المغربية، موضحا أن إمارة المؤمنين هي الضامن الأساسي لحماية الدين وقيمه القطعية،و أن هذا الدور لا يحتاج إلى “دفاع” في تجمعات حزبية أو أمام الجمهور، لأن الحقائق الدينية ثابتة ولا تتغير بتصريحات أو مزايدات.
وتابع التوفيق، موجها كلامه لبن كيران، “كان عليك، وقد نُقل لك ما قيل، أو سمعت كلمات “عجلى” قيلت في البرلمان، كان عليك أن تكلمني وتسألني ماذا قلتُ وماذا أردت أن أقول. وحيث إنك لم تفعل، فإنك قد استعليتَ، فحاديتَ بالبهتان”.
واسترسل الوزيرر في السياق ذاته بالقول: “إنك رئيس حزب سياسي عصري، والحزب السياسي العصري مقتبس من نظام غربي علماني، وإنك منتخب على أساس تكافؤ أصوات الناخبين، بغض النظر عن معتقداتهم وسيرهم، وهذا الأمر مقتبس من نظام غربي علماني. وإنك عندما كنت رئيسا للحكومة، قد اشتغلت على نصوص قوانين تخدم المصلحة العقلانية، وتُعرض على تصويت البرلمان، وهذا أمر مقتبس من نظام غربي علماني؛ لأنك لو أردت أن تستشير شيوخ طائفة، لأضعت كثيرا من الوقت بسبب خلافاتهم، وقد قمت بتمرير عدد من القوانين بمرجعية وفاق أو قرارات دولية، وهذا الشأن مقتبس من نظام غربي علماني. وقد كان عليك كرئيس للحكومة أن تقتنع بالحريات الفردية، كما ينص عليها الدستور، وتحميها قواعد النظام العام، وهذا أمر مقتبس من سياق غربي هو سياق العلمانية، وكان من مراجعاتك أيها الرئيس كل ما يتعلق بالمواطنة، وهو مرجع مقتبس من سياق تاريخي علماني، وإن كنا نجده له بعيديا، التفاصيل في تراثنا الديني”.
وفيما اختار بن كيران، في سبيل الرد على الوزير أن يوجه له أيضا رسالة مما جاء فيها على لسانه،”لا أخفيك أن ما صرحت به بالبرلمان ساءَني ولكنني لم أرد عليك ساعتها وأنا لم أرد عليك إطلاقاً، ولكنني لاحظتُ أن جهات معادية ومغرضة أرادت أن تستغل تصريحك لتركب عليه وتقرر في أذهان الناس ما لا تقبله أنت ولا أنا، فأنا أعرفك جيدا وأعرف قناعاتك المُعتدلة والرصينة، ولو كنت أريد أن أرد عليك لفعلت ذلك في نفس اليوم”.
وأضاف بن كيران في الرسالة ذاتها قائلا: “لقد تجنبت أن أذكر إسمك ولستُ أدري هل استمعت لكلمتي أم لا، وإن كنت لا أخفي أن لها صلة بتصريحك ولكن المقصود بها مباشرة هم المستغلون سَيِّئُو النَّوايا الذين يتربَّصون بالبلد وبمرجعيته وبثوابته الدوائر، مضيفا، “وأظن أنك تعرفني كما أعرفك أو رُبَّما أكثر وخصوصا أنه فوق الصداقة والمعرفة السابقة اشتغلنا جنباً إلى جنبٍ على مدى خمسِ سنواتٍ طِوَال”.
وتابع بن كيران وفق الرسالة الموجهة للوزير، قائلا: “وإن كنتُ اليوم أتأسَّف إن سَاءَك تصريحي، فإنني أؤكد لك أنك لست المقصود به وإنما الذين أرادوا استغلاله لأغراض سيئة في أنفسهم، لذا أعلن أنني متمسك بتصريحي ومعتز به، وإن كنت قد شعرتَ بأيِّ إساءةٍ فأنا أعتذر لك علانية ومباشرة وكلمتك لم تغير موقفي منك قيد أنملة ولا أشك أن صدرك سيتسع لاستيعاب ما قلته لك، وأما الحوار بين ما هو إسلامي في دولتنا وما يمكن أن ننعته بأنه من خلفية علمانية فموضعه وقت آخر وظرف آخر نرجو أن يجود الزمان به”.