أفكر في الهجرة… سامحوني…
من منا لم يفقد الأمل في لحظة ما التحول الممكن في المغرب من بلد يدار بالمزاج إلى بلد يدار بالقانون…؟
من منا لم يغلبه الشعور بالغبن وهو بصدد قضاء مصلحة عمومية، ولامس قلبه خط العدمية، فالأمل نحاول صناعته بكل الوسائل… لكننا نحن أيضا نعاني من قسوة العيش في الوطن…
أحيانا أفكر في الهروب بعيدا من أجل خدمة صحية لا غير…
تسقط أسنانا ونشيخ…
فنكون أمام خيارات مؤلمة مادية، وحتى التغطية الصحية مجرد كذبة…
لا المصحات العمومية قادرة علينا، ولا الخاصة مفتوحة في وجهنا دون فواتير منهكة… لا تغطي منها الصناديق الاجتماعية إلا النزر القليل…
لهذا نموت في بيوتنا لأننا لا نملك قدرة الدفع المسبق…
وتشعر بالغبن وأنا تشهر بطاقة التغطية لإدارة أي مصحة، فكأنك تشهر ” ورقة الاحتياج”، وتتمنى لو كنت فوسفاطيا حين تتسابق المصحات على مرضى المكتب الشريف ولارام، والأبناك…
أشعر أنني في بداية مساري… لم أفكر في شيخوختي وأنا أختار مهنة تليق بي دون صحتي ولا أعطابي…
من منا لم يفكر يوما ما في الهرب بعيدا عن الغبن والقهر اليومي…؟
نصنع الأمل… ولكن لم يعد لي أمل…
لي حكاية لشابة تعرضت للعنف
بمراكش…
عجز لمدة شهر… وكسر…
اليوم علمت أن اصبعها مهدد بالبتر…
حتى طبيبها الذي تبث لها الإصبع المكسور يهرب منها…
إما في عملية أو يدرس…؟
والحالة أن الإصبع يزداد تعفنا…
ولا طبيب قبل علاجه…
هو وحده من عليه إتمام العلاج…
يا سادة الفقراء يموتون…
وأنا أسمع حكايتها… شعرت بالخوف…
فقد عانت منذ البداية…
عانت مع الضابط الذي حرر لها المحضر…
الذي فكر بمنطق بائد…
فكان عليها أن تدق باب المنطقة الأمنية… لأخذ حق بسيط… لا غير
ومازلت أشعر أن خللا ما تم مسطريا…
عندي حكاية مؤلمة لشابة، مازالت تبحث عن شكايتها لحد الساعة في كتابة الضبط للنيابة العامة الخاصة بالعنف ضد الطفل والمرأة… بمراكش..
بعد رحلة شاقة… وقهر إداري… وجدت المسؤولة الملف متأففة بعدما زعمت قبل ساعات أنه لم يصل بعد…
نسأل مولاي الحسن الداكي ماذا يقع…؟
نسأل هشام بلاوي… ماذا يقع….
نسأل عبد النباوي… عن إصلاح يتم ذبحه بسلوكات قاتلة…
فمن تحت ركام الملفات… استتخرجت الموظفة الملف الذي غاب مدة… وهي تردد” هل أنا هنا لأتعامل مع كل قضية فردية”… عودي في شهر يناير… فنحن سنكون في عطلة…
الجراح سيدتي لا عطلة لها…
الظلم حين تنكسر له الروح، يظل نشطا حتى يريحنا القانون…
صناعة الأمن القضائي تبدأ من عندك سيدتي…
هل تغير شيء…؟
هكذا أشعر بالغبن…
أشعر أن خطاب القمة الإصلاحي يهده المزاج والفساد الخفي…
هل أسمع خبرا من مولاي الحسن الداكي… يعيد الأمل…؟
من منا من لم يشعر بالغبن والخذلان كلما خانته صحته، أو قصد مؤسسات الدولة لقضاء مصلحة…
سامحوني… أشعر برغبة في البكاء…
لم أعد قادرا على تصريف خطاب الأمل وأنا شخصيا لا أجد سريرا لأعطابي…
لم أعد أشعر بالأمن الاجتماعي…
سامحوني… أفكر في الهجرة وقد بلغت من العمر عتيا….
فحولي… تضيق مساحات الأمل… وهناك سديم يلف الرؤية …
وفمل شيء أصبح صفقة…
أسمع من يساوم على مئات الملايين لمجرد أنه قادر على الابتزاز بالمعلومات…
تم… يلقي كلمة في الوطنية والتوابث…
خطاب التوابث صار سكا تجاريا…
حتى مجرد الموت المريح… لم يعد ممكنا في وطن توزعته الأهواء والأنواء…
لم أعد قادرا على صناعة الأمل…
لأني يائس… أفكر في الهجرة من أجل سرير مرض، وحقوق لا تمنح صدقة..