أكدت التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة،أنها لم تتوان عن الترافع والنضال من أجل قانون أسري يكرس المساواة ويزيل التمييز، ويعترف بمركز المرأة داخل الأسرة في إطار الحقوق المتساوية والواجبات المشتركة.
وأوضحت التنسيقية، أن هذا الورش التشريعي يمثل فرصة لتغيير شامل يعيد النظر في فلسفة المدونة ومنطلقاتها ولغتها، ويأخذ بعين الاعتبار التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي أثرت على بنية الأسرة المغربية وأدوار أفرادها.
جاء ذلك في بيان صادر عن التنسيقية، والذي اطلعت “دابا بريس” على مضامينه، خيث أكدت فيه، أنها تابعت مسار المشاورات والنقاش العمومي منذ تعيين الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة وتقديم مقترحاتها لرئيس الحكومة في 30 مارس الماضي.
كما رصدت طلب رأي المجلس العلمي الأعلى وصدور بلاغ الديوان الملكي يوم 23 دجنبر الجاري، الذي دعا إلى تنظيم لقاءات تواصلية لإطلاع العموم على المستجدات وصياغة نص قانوني بمقتضيات صريحة وواضحة تتفادى التأويلات الذاتية، مع إنشاء إطار دائم للاجتهاد الفقهي المستنير لإيجاد حلول مجتمعية وأسرية تحقق العدل والتناغم مع القيم الكونية.
إشادة بالتعديلات الإيجابية
أعربت التنسيقية، وفق البيان ذاته، عن تقديرها للمنهجية التشاركية التي تبنتها الهيئة المكلفة بالمراجعة، خاصة فيما يتعلق بفتح باب التشاور مع مختلف الأطراف المعنية، كما ثمنت التعديلات التي تضمنت إعادة صياغة المدونة وتنقيحها من الصيغ التي تمس الكرامة، إلغاء شرط حضور شاهدين مسلمين بالنسبة لمغاربة العالم، واستثناء سكن الزوجية من التركة.
كما أشادت بإقرار آلية مستقلة للوساطة والصلح، واحتساب أعمال الرعاية ضمن مساهمة النساء في الثروة الأسرية، وضمان حق الأم الحاضنة في الزواج دون إسقاط الحضانة عنها.
نقاط خلافية ومطالب ملحة
رغم الإيجابيات، سجلت التنسيقية عدم استجابة المقترحات لتطلعاتها في تحقيق مراجعة شاملة وعميقة للنصوص الحالية.
وأشارت إلى استمرار تكريس التراتبية داخل الأسرة ومنطق القوامة، الذي يُفترض أن سلطة الرجل نابعة من كونه المعيل الوحيد، وهو ما لم تعد له مرتكزات واقعية.
أبرز النقاط الخلافية التي أثارتها التنسيقية تشمل:
في هذا السياق تحدث بيان التنسيقية عنمنظومة المواريث، حيث اشارت إلى رفض إخضاعها للإصلاح وإلغاء التعصيب، ما يسبب استمرار انتهاك حقوق البنات في الإرث داخل عدد من الأسر.
كما اشار المصدر ذاته، في موضوع تعدد الزوجات، إلى الإبقاء عليه بشروط واهية، منها اشتراط المقبلات على الزواج إدراج شرط عدم التعدد في العقد، مع السماح به في حالات استثنائية مثل العقم، ما يعكس نظرة ضيقة لدور المرأة في الأسرة وحصرها في الإنجاب.
أيضا وفق البيان نفسه، تمت الإشارة في قضية تزويج القاصرات، إلى استمرار العمل بهذا الاستثناء رغم تعارضه مع الالتزامات الدولية، في وقت تُظهر الإحصاءات أن متوسط سن الزواج في المغرب هو 25 سنة للنساء و32 سنة للرجال، ما يجعل تزويج القاصرات إجراءً غير مبرر.
أيضا وفي قضية نسب الأطفال، أكد بيان التنسيقية، أنه تم رفض اعتماد الخبرة الجينية في إثبات النسب، مما يضر بمصلحة الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، في تعارض مع الفصل 32 من الدستور الذي يضمن حماية جميع الأطفال.
وفيما يتعلق بمساهمة النساء في الثروة، اعتبرت التنسيقية، أنها اقتصرت على العمل المنزلي دون الاعتراف بمساهمات النساء الاقتصادية، سواء كن موظفات أو عاملات بأجر، أو حتى غير مدفوعات الأجر.
توصيات ودعوات للتغيير
أكدت التنسيقية أن المرحلة الحالية تتطلب الاعتراف الكامل بحقوق النساء المغربيات، بما يضمن لهن حياة كريمة وآمنة.
وشددت على ضرورة مراجعة كل ما يقوض هذا المطلب، واعتبرت أن التعديلات يجب أن تتماشى مع الالتزامات الدستورية للمغرب والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها.
كما دعت التنسيقية إلى انخراط الجميع في دعم التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة، بما يضمن تشريعات خالية من التمييز ومبنية على مبدأ المساواة والعدالة لجميع أفراد الأسرة.
وأكدت ضرورة إشراك المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في النقاش العمومي والتأثير في مسار صياغة النصوص القانونية لتحقيق طموحات الأسر المغربية ورؤية المغرب الريادية.
واختتمت التنسيقية بيانها بالدعوة إلى مواجهة الخطابات التي تكرس التمييز ضد النساء، مع العمل على إحداث تغيير تشريعي يعكس واقع الأسر المغربية وتطلعاتها، ويضمن حقوق النساء والأطفال بشكل كامل ودون تمييز.