“نساء قوامات على الرجال”.. تتلقى عاملات الزراعيات أجراً أقل، صرخة من حقول اشتوكة خلال السنة التي سنودعها+فيديو
العاملات الزراعيات في المغرب (مثالاً ونموذجاً) ضحايا للاستغلال والحوادث وحتى التحرش الجنسي وعنف الازواج.. فيما هن معيلات رئيسيات لعائلاتهن.
تزايدت في السنة التي نودعها، الاحتجاجات والمظاهرات من قبل العاملات الزراعيات في اشتوكة، اللواتي يطالبن بتحسين أوضاعهن، إذد شهدت المنطقة مظاهرات تطالب بتحسين الأجور، تفعيل قوانين العمل بشكل أفضل، وتوفير الحماية الاجتماعية. في بعض الأحيان، تخرج العاملات إلى الشوارع للمطالبة بتحقيق حقوقهن في إطار حملات حقوقية ونقابية.
يعاني العاملات والعمال الزراعيين، القهر والاستغلال في منطقة اشتوكة، الذي لا يعتبر مجرد مسألة اقتصادية، بل هو قضية اجتماعية ونضالية تتطلب تدخلاً عاجلاً من الحكومة والمجتمع المدني، ورغم كل الصعوبات التي يواجهنها، إلا أن العاملات في هذه المنطقة يواصلن النضال من أجل تحسين ظروفهن ومطالبتهن بحقوقهن الأساسية.
تحج إلى المناطق الفِلاحية المشهورة بتوفرها على ضيعات فلاحية واسعة ومنها اشتوكة ايت باها، نساء وفتيات من المغرب العميق، ومن ضواحي المدن السياحية، وفقراء هوامش المدن الصناعية والإدارية، قصد العمل كعاملات زراعيات. يستأجرن بيوتاً للسكن في الضواحي الواقعة على مقربة من الضيعات الفلاحية، بما بين 200 درهم أو 300 درهم .
تحرمن من الانخراط في صناديق الحماية الاجتماعية، وبالتالي يتم إقصائهن من التغطية الصحية والتعويضات العائلية والتأمين الصحي عن حوادث الشغل ولا يمنحهن مشغليهن أي وثيقة تثبت صلتهن بملاك الضيعات الفلاحية.
لا تتجاوز نسبة التصريح عنهن بالعمل في البلد نسبة 6 في المئة، لذا يطالب النقابيون بتعميم التصريح بالعمل. بينما بلغ عدد أجراء القطاع الخاص ما يناهز أربعة ملايين، بينهم ثلاثة ملايين و200 ألف مصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أي 80 بالمئة، وحوالي 800 ألف غير مصرح بهم، أي ما يقارب نسبة 20 بالمئة، أغلبهم ــ وهم حوالي 600 ألف أي 75 بالمئة منهم ــ يرتبط مجال عملهم بالقطاع الفلاحي، حسب معطيات إحصائية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بشأن تصريحات الأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
نساء قوامات على الرجال
يرغم بعض الأزواج زوجاتهم على امتهان مهنة عاملات زراعيات ويدفعون بأبنائهم إلى ولوج هذا العالم من بابه الواسع ويساهمون بالتالي في تشجيع الهدر المدرسي، وتشجيع تشغيل الأطفال القاصرين، كما يدفعون ببناتهم القاصرات للعمل كعاملات زراعيات، لأنهن صغيرات وقويات. ثلثا الرجال في البلد يوافقون على عمل المرأة وحوالي ثلث النساء يفضلن البقاء في البيت، حسب ما ورد في تقرير لمنظمة العمل الدولية.
أوردت دراسة ميدانية أنجزتها “جمعية نساء الجنوب” أن العاملات الزراعيات بالجماعة القروية آيت اعميرة / أغادير، يتعرّضن لمختلف صنوف وألوان العنف اللفظي والجسدي، وكذا التحرش الجنسي الذي ينتهي بالاغتصاب في أماكن العمل
وغالباً ما يفرض هؤلاء الرجال الذين تعيلهم العاملات الزراعيات على نسائهم التوجه إلى الضيعات للعمل على الرغم من مرضهن وعجزهن، ويطلبون من الكادحات أن يعطوهم ما جنوه من مال، ومع ذلك يتعرّضن للعنف. وهم يكتفون بالجلوس في المقاهي للعب الورق والثرثرة والتدخين ومتابعة االمباريات الكروية. إنهن نساء قوامات على الرجال على الرغم من الجحود والعنصرية القانونية وجبروت العادات والتقاليد.
الأمهات العازبات من أمهر العاملات الزراعيات، يشتغلن بجد وقوة بسبب ظروفهن الاجتماعية، شأنهن شأن الأطفال الذين تجلبهم أمهاتهم للعمل كعمال وعاملات زراعيات.
أسباب القهر والاستغلال:
الأجور المتدنية:
الأجور التي تتقاضاها العاملات في الزراعة لا تتناسب مع حجم العمل الذي يقمن به. في الكثير من الحالات، تكون الأجور اليومية غير كافية لتغطية احتياجاتهن الأساسية، مثل الغذاء، المواصلات، والرعاية الصحية. بعض العاملات لا يحصلن على الأجر الكامل أو يُجبرن على العمل لساعات إضافية دون تعويض.
ظروف العمل القاسية:
يشتغل العاملات في ظروف صعبة، تحت الشمس الحارقة في فصل الصيف، وغالبًا ما يتعرضن للإرهاق والتعب نتيجة العمل لفترات طويلة دون فترات راحة كافية. كما أن العديد منهن يعملن في المزارع دون أي نوع من الحماية الصحية أو الاجتماعية. في بعض الحالات، لا توفر المزارع أدوات عمل مناسبة، ما يعرضهن للإصابات.
التمييز بين الجنسين:
هناك تمييز واضح ضد العاملات الزراعيات مقارنة بالعمال الذكور. فعلى الرغم من أن النساء يشكلن نسبة كبيرة من اليد العاملة في الزراعة، إلا أنهن يتعرضن للاستغلال أكثر، ويعانين من قلة الفرص لتحسين وضعهن الاجتماعي والاقتصادي. كما أنهن غالبًا ما يتعرضن للتحرش أو الاستغلال من قبل بعض أصحاب المزارع.
غياب الضمانات الاجتماعية:
لا توفر العديد من المزارع للعاملات أي نوع من الضمانات الاجتماعية مثل التأمين الصحي أو التقاعد، مما يزيد من هشاشة وضعهن الاقتصادي. في حال تعرضت إحدى العاملات لحادث أثناء العمل، قد تجد نفسها دون أي دعم أو تعويض.
العمل الموسمي:
معظم العمل الزراعي في المنطقة موسمي، مما يجعل النساء العاملات يواجهن فترات من البطالة وعدم الاستقرار الوظيفي بين موسم وآخر. هذا يضيف عبئًا إضافيًا على حياتهن ويؤثر على قدرتهن على التخطيط لمستقبل أفضل.
في هذا الإطار، قال رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع اشتوكة أيت باها، عبد الله مهماوي، إن احتجاجات العمال والعاملات الزراعيين في الإقليم يرجع إلى الزيادة المستمرة في الأسعار والأجور الهزيلة التي يتقاضونها، مؤكدا أنهم “خرجوا في احتجاجات سلمية وحضارية من أجل مطالب مشروعة إلا أنهم قوبلوا من طرف السلطات بالقمع والتنكيل واعتقال عدد من المتظاهرين”.
وجاء ذلك في تصريح سابق لمهماوي لموقع “الحرة”، حيث أكد، أن “هؤلاء العمال والعاملات يتعرضون لانتهاكات كثيرة كالتمييز والتحرش المنتشر في أماكن العمل ويتم نقلهم في وسائل نقل مهترئة لا توفر أي شروط للسلامة مما يعرضهم لحوادث سير مميتة في بعض الأحيان”، لافتا إلى أن هذه المعاناة تزداد مع عيشهم في ظروف قاسية كالسكن في الخيام أو البلاستيك بالإضافة إلى أجور هزيلة لا تكفي لتغطية أبسط احتياجاتهم.
وأشار مهماوي أن “الحلول المتاحة لتحسين أوضاع العمال والعاملات الزراعيين تبدأ بزيادة الأجور بشكل عاجل لتصل كحد أدنى بنحو 150 درهم على الأقل في اليوم”، داعيا إلى ضرورة احترام القوانين الوطنية والدولية التي تكفل حقوق العمال واتخاذ إجراءات ملموسة تضمن لهم حياة كريمة وتحسن ظروف العمل بشكل عام.
بدورها كانت دعت أكبر جمعية حقوقية “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” في تقريرها السنوي الأخير إلى ضمان الحرية النقابية والحماية القانونية والاجتماعية للعاملات، خاصة في القطاع الهش وغير المهيكل كالعاملات الزراعيات وعاملات البيوت، وإلى تجريم كل أشكال التضييق والعنف والتحرش في أماكن العمل، وإلى إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يكرّس اعتقال النساء العاملات، وإلى فك الحصار عن مشروع القانون المتعلق بمناهضة كل أشكال العنف ضد النساء.
وكانت نبهت النائبة عن حزب فيديرالية اليسار الديمقراطي، ، فاطمة التامني، في سؤال كتابي وجهته لوزير الداخلية، أكدت فيه أن الاحتجاجات تأتي على خلفية تراكم انتهاكات حقوق العمال الزراعيين، بدءا من تدني الأجور اليومية ووصولا إلى الاستغلال الذي تتعرض له العاملات بما في ذلك المساومة على كرامتهن من قبل بعض مسؤولي الضيعات الزراعية.
و خاضت ألوف العاملات الزراعيات حراكاً احتجاجياً للدفاع عن مطالبهن بإلغاء التمييز في الأجور ومنحهن حقوقهن وصيانة كرامتهن، وشاركن في المظاهرات والمهرجانات الاحتجاجية التي شهدتها منطقة سوس (إقليم شتوكة آيت باها نموذجاً).
مصادر التقرير: وكالات ومواقع إعلامية
مصدر الفيديو: القناة الثانية