أثار حادث اعتداء على امرأة وطفلتها في المغرب غضباً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الشعبية.
الحادث وقع في مدينة تطوان حيث تعرضت المرأة وطفلتها لهجوم من قبل رجل مسن يبلغ 80 عاما، مما أسفر عن إصابتهما بجروح متفاوتة.
الحادث أثار استنكاراً شديداً من قبل المغاربة الذين عبروا عن صدمتهم من الوحشية التي طبعت هذا الاعتداء، مطالبين السلطات باتخاذ إجراءات سريعة لضبط الجاني وتقديمه للعدالة.
وعبّرت جمعيات ومنظمات نسوية مغربية، أول أمس الجمعة، عن غضبها ازاء حادثة تعنيف سيدة وطفلتها على يد رجل مسن، ظهر في مقطع فيديو لاقى رواجًا كبيرًا في البلاد.
وتمكنت الشرطة المغربية من القبض على الرجل الثمانيني، بعد أن ظهر في مقطع فيديو وهو يقوم بتعنيف سيدة وابنتها بواسطة هراوة خشبية، عقب رصد مكان الحادثة والذي اتضح بحسب التحقيقات أنها وقعت في ولاية تطوان الريفية.
وفي التفاصيل كما جرى تداولها على وسائط التواصل الاجتماعي، أن الرجل المسن هو صاحب بيت يكتريه للضحية التي لم تتمكن من دفع إيجار الشهر فاختار تعنيفها في الشارع أمام أنظار طفلتها الصغيرة.
ووفق المقطع المصور في مدينة تطوان تظهر قسوة شديدة من المسن تجاه الطفلة إذ لم تنفع صرخاتها وسقوطها من الدرج في أن يتوقف عن تعنيف والدتها حتى مع إدراكه أن هناك شهودا من الجيران ومنهم من كان يوثق ذلك المشهد.
هذا زجرى بعد تدخل السلطات الأمنية وإلقاءها القبض على المسن المعتدي، أن خرجت الضحية بتصريحات إعلامية تؤكد من خلالها إنها سيدة مطلقة بثلاثة أطفال، وأن الذي مارس عليها العنف، هو صاحب البيت الذي تكتريه رفقة أطفالها، وأن ماظهر من هنف هو ليس سوى جانب من مشاهد عنف سابقة متكررة لم توثق في مقطع فيديو كما وثق الحادث الأخير.
وقالت الناشطة الحقوقية المغربية، بشرى عبدو، إن الترسانة القانونية تبقى ضرورية لردع العنف ضد النساء، لكنها غير كافية.
وأضافت في تصريح خصت به “الحرة”، أن الوقت حان لبناء “وعي الإنسان” المغربي وتربيته على عدم التسامح مع العنف، مؤكدة أن مقطع الفيديو يظهر حقدا وكرها كبيرين من المعنف تجاه ضحيته،و أنه “إن كان الفضل في فضح هذه الحادثة لوسائل التواصل الاجتماعي فإن مثلها الكثير من حوادث العنف التي ترتكب يوميا ولكنها لم تخرج للعلن وتظل بدون عقاب”.
وذكر بيان صدر بعد الحادثة، ل”جمعية التحدي للمساواة والمواطنة” أن الحادث الذي انتشر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح عن استمرار ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب.
وقالت الجمعية إن هذا الاعتداء يعكس غياب التغيير الجذري في التعامل مع العنف داخل المجتمع، مشيرة إلى أن السياسات الزجرية المعتمدة تظل عاجزة عن مواجهة الظاهرة بشكل فعال.
وتابعت الجمعية قائلة إن غياب سياسات عمومية حقيقية لتغيير العقليات التي تطبع مع العنف كحل للنزاعات يجعل النساء في دائرة الخطر المستمر.
جدير بالذكر،أنه ووفق آخر الأرقام الرسمية حول العنف ضد النساء بالمغرب كانت سجلت رئاسة النيابة العامة معالجة حوالي 84.822 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء توبع بشأنها ما يناهز 21.898 شخصًا وفتح لهم 17.822 ملفًا.
هذا ويأتيي هذا الحادث على بعد بضعة أيام عن تفجر فضيحة تعرض طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية لاغتصاب جماعي متكرر من طرف ثلاثة رجال، وأسفرت هذه الجريمة عن حمل الطفلة وولادتها عبر عملية قيصرية مؤخرا، وأن هذه القضية الإجرامية سينظر فيها القضاء بمدينة مراكش، الأربعاء المقبل، فيما عبر أب الضحية عن أمله في تحقيق العدالة وإنصاف ابنته، حيث قال “أطالب بحق ابنتي وبمعاقبة هؤلاء المعتدين، وأريد أن أُثبت نسب الطفل وأحميه من وصمة العار”.
يشار في هذا الصدد، أنه وفقًا لدراسة أجرتها المندوبية السامية للتخطيط عام 2019، 55.4% من النساء في المغرب تعرضن لنوع من أنواع العنف في حياتهن، سواء كان عنفًا جسديًا، نفسيًا، جنسيًا، أو اقتصاديًا.
وأن 20.4% من النساء المغربيات تعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن أو شركائهن في حياتهن، وفقًا لنفس الدراسة.
وأن 48% من النساء تعرضن للعنف النفسي أو اللفظي، والذي يشمل الإهانات والتهديدات، وذلك يمثل أحد الأشكال الأكثر شيوعًا للعنف ضد النساء.
كما تشير الدراسات إلى أن 8% من النساء المغربيات تعرضن للعنف الجنسي، سواء في شكل اعتداءات جنسية أو تحرش، وهذه النسبة تمثل فقط الحالات التي تم الإبلاغ عنها.
كما تواجه النساء في المناطق القروية ظروفًا أكثر صعوبة فيما يتعلق بالعنف، حيث تشير الدراسات إلى أن النساء في المناطق القروية أكثر عرضة للعنف مقارنة بالنساء في المدن، تصل النسبة إلى 70% في بعض الدراسات.
تشير الدراسات إلى أن ربع النساء تقريبًا تعرضن للتحرش الجنسي في الأماكن العامة، مما يشير إلى حجم المشكلة في الفضاءات العام.
في السنوات الأخيرة، تم إنشاء عدة مراكز لدعم النساء ضحايا العنف في المدن المغربية الكبرى، لكن ما زالت هناك حاجة لزيادة التوعية وتوسيع هذه المراكز لتشمل مناطق أكثر في البلاد.
حوالي 40% من حالات العنف ضد النساء في المغرب يتم ارتكابها من قبل الأزواج أو الشركاء العاطفيين، مما يعكس حجم مشكلة العنف الأسري في المجتمع.
إن العنف ضد النساء في المغرب يمثل تحديًا كبيرًا يتطلب جهودًا جماعية بين الحكومة، المجتمع المدني، والقطاع الخاص لخلق بيئة آمنة للنساء. على الرغم من وجود قوانين لمكافحة هذه الظاهرة، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه القوانين وتوفير الدعم الكافي للضحايا ما زال يتطلب المزيد من العمل والموارد.