تحسين خدمات CNSS للبحارة بأكادير بين التحديات والرهانات المستقبلية
شهد مقر الإدارة الجهوية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بأكادير اجتماعًا موسعًا ضم مختلف الفاعلين في قطاع الصيد البحري، حيث تركز النقاش حول سبل تطوير وتحسين الخدمات الاجتماعية المقدمة للبحارة، في ظل الإكراهات التي يواجهها القطاع.
وجاء هذا اللقاء ليؤكد أهمية التواصل بين المؤسسات والمهنيين في سبيل ضمان حماية اجتماعية أكثر نجاعة لهذه الفئة التي تعد من الركائز الأساسية في الاقتصاد البحري الوطني.
و وصف أحمد إد عبد المالك، الفاعل الكونفدرالي في قطاع الصيد الساحلي وعضو غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، الاجتماع بالمثمر والمنفتح، مشيرًا إلى أن حسن استقبال الإدارة الجهوية يعكس انفتاحها على الحوار الجاد والبنّاء.
هذا وقد تركزت المناقشات على قضايا اجتماعية ذات أولوية، أبرزها مصير مشروع موسمية الصيد البحري، الذي لا يزال يثير العديد من التساؤلات، إضافة إلى المشاكل المرتبطة ببوابة “ضمان بحري”، وهي المنصة الرقمية التي أطلقتها CNSS لمواكبة البحارة وتمكينهم من تتبع وضعياتهم الإدارية والاستفادة من مختلف الخدمات الاجتماعية، كما كان ملف العلاجات الصحية والعلاقة مع المؤسسات الاستشفائية حاضرًا بقوة، حيث تمت مناقشة التحديات التي تواجه البحارة وأسرهم في الاستفادة من هذه الخدمات.
و أضفى حضور رئيسة جمعية الأمل الوطنية لأرامل وأيتام البحارة على الاجتماع بُعدًا اجتماعيًا أكثر عمقًا، حيث تم تسليط الضوء على الإكراهات التي تعيشها هذه الفئة، سواء على مستوى التعويضات أو الاستفادة من الحقوق الاجتماعية التي يضمنها الصندوق، كما تم التطرق إلى الإشكالات المرتبطة بمسطرة التصاريح الشهرية، والتي يرى المهنيون أنها تحتاج إلى مزيد من المرونة والتبسيط لتتناسب مع طبيعة العمل البحري الذي يعتمد في كثير من الحالات على نظام المحاصة، مما يجعل استمرارية التغطية الاجتماعية للبحارة تحديًا حقيقيًا يستدعي معالجة شاملة وفعالة.
عبد الله الداسر، الفاعل النقابي في قطاع الصيد البحري بميناء أكادير والجنوب، أكد على الأهمية الاستراتيجية لهذه اللقاءات، التي تساهم في تقريب الفاعلين من المستجدات الإدارية والقانونية، وتعزز آليات الترافع حول القضايا ذات الأولوية، وأشار إلى أن قطاع الصيد البحري يعد ورشًا مفتوحًا على مستوى الحماية الاجتماعية، خصوصًا مع إطلاق بوابة “ضمان بحري”، التي رافقتها عدة إجراءات تنظيمية، لكن تنفيذها لا يزال يواجه تحديات تستوجب المتابعة والتقييم المستمرين.
وشكل اللقاء فرصة للتفاعل المباشر بين الفاعلين المهنيين والمسؤولين الجهويين للصندوق، حيث نوه المتدخلون بالتجاوب الإيجابي للإدارة الجهوية مع المطالب المطروحة، مما يعكس رغبة حقيقية في تحسين آليات التواصل وتقديم خدمات أكثر فعالية.
في نفس السياق تم التأكيد على ضرورة اعتماد مقاربة أكثر مرونة في تتبع الملفات الاجتماعية للبحارة، وتعزيز ثقافة القرب المؤسساتي لضمان سرعة الاستجابة لحاجيات المهنيين، كما برزت الحاجة إلى تحيين الفهم المشترك للمساطر المعتمدة في التعويضات الصحية والاجتماعية، بما يساهم في تبسيط الإجراءات وتقليص آجال الاستفادة.
ويراهن المهنيون على تسريع وتيرة صرف التعويضات الاجتماعية عبر بوابة “ضمان بحري”، التي تشكل أداة محورية في رقمنة المعاملات بين البحارة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كما ويطمح الفاعلون إلى تحسين أدائها بما يتيح توسيع دائرة المستفيدين من التأمين الصحي الإجباري (AMO)، وضمان ولوج أسر البحارة إلى حقوقهم الاجتماعية بكل شفافية وسلاسة، كما أن الرفع من نجاعة هذه البوابة سيشكل خطوة هامة نحو تعزيز الحماية الاجتماعية للبحارة، وتقليص الفجوة بين الإطار القانوني والممارسة الفعلية على أرض الواقع.
اللقاء خلص إلى ضرورة تعزيز الحوار بين الإدارة والمهنيين بشكل مستمر، وبلورة حلول عملية تواكب التحولات التي يعرفها قطاع الصيد البحري، خصوصًا فيما يتعلق بآليات التصريح والتغطية الاجتماعية.
فيما يبدو أن التحدي الأكبر يكمن في تجاوز منطق الموسمية نحو نموذج يضمن استدامة الحماية الاجتماعية للبحارة طيلة أشهر السنة، مما يتطلب رؤية إصلاحية شاملة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المهنة وإكراهاتها المتعددة.