الرئسيةمجتمع

ارتفاع أسعار القبور في المغرب: بين الحزن على الفراق وعجز الأحياء عن تكريم موتاهم

تشهد مدينة فاس خلال الفترة الأخيرة أزمة غير مسبوقة تتعلق بارتفاع أسعار القبور، أزمة لم تكن في الحسبان بالنسبة للكثير من العائلات التي كانت تأمل في دفن أحبائها في مقابر المدينة، فمع تصاعد أسعار السلع الأساسية والإسكان، أصبح دفن الموتى في فاس تحديًا جديدًا يتعين على العائلات مواجهته.

و يرتبط هذا الارتفاع في الأسعار، كما في العديد من الظواهر الاقتصادية الأخرى، بحالة من الحزن العميق التي يعيشها أهالي المدينة الذين لا يجدون سوى مزيد من الألم عند محاولة الحصول على قبر يليق موتاهم، ففي الوقت الذي تتحدث فيه السلطات عن سعر قبر لا يتجاوز 500 درهم، تفاجأت الكثير من الأسر بأن الأسعار الحقيقية تفوق هذا الرقم بكثير. فقد وصل سعر جزء من ممر بين القبور إلى ما بين 1000 و1500 درهم، وهو ما يفرض تحديًا كبيرًا على العائلات التي تعاني من ارتفاع تكاليف الحياة اليومية، حيث اضطر البعض لاختيار جزء من ممرات المقبرة التي عادة ما تكون ضيقة، بسبب قدرة الشراء المحدودة لديهم، وهو ما يعكس مدى صعوبة الوضع في ظل التزايد الكبير في الطلب على القبور.

إن تأثير هذا الوضع لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يتعداه إلى جوانب اجتماعية ودينية أيضًا. فقد أرسل النائب البرلماني خالد العجلي رسالة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير الداخلية، مُعربًا عن قلقه من الوضع المتفاقم، مشيرًا إلى أن بعض الأسر تجد نفسها مضطرة للبحث لأيام طويلة عن قبر لدفن أحبائها، أو أن تلك الأسر تكتفي بدفن موتاها في ممرات ضيقة يتجاوزها الزوار.

وأكد العجلي في رسالته على أن هذا الوضع أصبح يشكل أزمة حقيقية في المدينة، داعيًا إلى تدخل عاجل من قبل السلطات المعنية لتوسيع المقابر وتوفير الأماكن اللازمة لدفن الموتى، وتيسير الحصول على القبور بأسعار معقولة، وتساءل العجلي عن الإجراءات التي ستتخذها الجهات المسؤولة لتفادي تفاقم هذه الأزمة.

هذا الوضع المزري دفع بعض المواطنين إلى الاحتجاج على هذا الارتفاع المبالغ فيه في أسعار القبور، حيث أشار البعض إلى حالات طُلب منهم فيها دفع مبالغ كبيرة تفوق قدرة الأفراد العاديين. فمثلاً، بلغ ثمن القبر في مقبرة بوجلود 1400 درهم، رغم أن السعر الرسمي المحدد من قبل سلطات فاس هو 500 درهم فقط.

اللافت أن هذه الظاهرة لم تظهر فجأة، بل لها جذور تعود إلى سنوات مضت، فقد سبق أن أثيرت شكاوى عدة في المدينة من قبل عائلات متضررة، حيث أشار البعض إلى ما وصفوه بـ “الانتهاكات” التي تمارس في مقبرة “القباب”، حيث يتم بيع مقابر تابعة لأملاك الغير بأسعار تتجاوز 3000 درهم، مما يشكل انتهاكًا لحرمة المقابر، كما تكررت حالات نبش قبور الموتى ودفن آخرين مكانهم، وهو ما يثير القلق حول احترام حرمة الموتى ويزيد من تعقيد الوضع.

إن هذه الأزمة تمثل نقطة تحول في كيفية التعامل مع مرافق دفن الموتى في المغرب، وهي دعوة ملحة للسلطات والمسؤولين لتدارك الوضع والعمل على توفير الحلول المناسبة التي تضمن احترام حقوق الموتى وأسرهم على حد سواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى