
اليوم العالمي للمرأة: ضرورة التصدي للتحديات المتزايدة في مواجهة حقوق النساء
في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، أكدت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أن ما يجري اليوم من هجمات متصاعدة على حقوق النساء والفئات المهمشة يتجاوز مجرد الحديث عن القضايا المتعلقة بالعدالة بين الجنسين، حيث أشارت إلى أن التحدي الأكبر الآن هو مواجهة القمع الفعلي والهجوم المستمر على الحقوق الإنسانية للنساء والفتيات وأفراد مجتمع الميم.
و في هذا السياق، استذكرت كالامار في تصريحها مسار ثلاثين عامًا من الجهود الدولية لتحقيق العدالة بين الجنسين، والتي انطلقت من مؤتمر بيجين عام 1995، حيث اجتمعت 189 دولة لتبني إعلان ومنهاج عمل بيجين، كان هذا المخطط نقطة تحول تاريخية من أجل تعزيز حقوق المرأة وحظي بدعم واسع من النشطاء في كافة أنحاء العالم، ورغم التقدم الذي تحقق في تلك الفترة، تبين أن العديد من الوعود التي تم التعهد بها لم تتحقق بشكل كامل، بل إن الأمور ازدادت تعقيدًا في بعض الأحيان. ففي الوقت الذي استمرت فيه الجرائم المرتكبة ضد النساء، من الاغتصاب إلى القتل وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية والنفسية، فإن العنف ضد النساء والفتيات لا يزال يشكل تهديدًا جادًا لحياتهن وسلامتهن.
وتناولت كالامار بتفصيل التأثيرات المدمرة للسياسات المناهضة للحقوق التي انتهجتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فقد كانت هذه السياسات جزءًا من حملة عدائية ضد استقلالية النساء الجسدية وحقوقهن الإنجابية، وخصوصًا من خلال محاربة قوانين حماية حقوق المرأة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى حول العالم، على سبيل المثال، كانت محاولات إدارة ترامب لتقليص التمويل الدولي الخاص بخدمات الإجهاض والإحالات المتعلقة به، إضافة إلى تهميش حقوق الأفراد العابرين جنسيًا، بمثابة تراجع عن مكتسبات حقوق الإنسان التي تم تحقيقها على مدار سنوات من النضال.
واعتبرت كالامار أن هذا التوجه لم يبدأ مع انتخاب ترامب فقط، بل له جذور أعمق نمت عبر سنوات من التدابير التي تسعى لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، حين كان القمع الأبوي هو السائد.
وأشارت إلى أن هذا الهجوم على حقوق النساء ليس محصورًا في منطقة معينة أو سياق سياسي محدد، بل إنه يتسع ليشمل جميع أنحاء العالم، حيث تواجه النساء والفتيات وأفراد مجتمع الميم هجمات متزايدة تهدد مكتسباتهن، ولكن، رغم هذه الهجمات المستمرة، تواصل الحركات النسوية وحركات مجتمع الميم وقوى القاعدة الشعبية تقدّمها نحو الأمام، متحدية النكسات المتكررة والمخططات الرامية إلى إضعافها.
دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية الحكومات والمنظمات الدولية إلى التصدي لهذا الهجوم المتسارع الذي يستهدف الحقوق الأساسية للنساء والفتيات.
وأضافت أن من الضروري تعزيز الحماية القانونية للنساء والفئات المهمشة، وتوسيع نطاق الدعم لمنظمات حقوق الإنسان التي تقف في الصفوف الأمامية من أجل حقوق النساء والحقوق الجنسية والإنجابية، كما أكدت على أهمية العمل من أجل ضمان احترام الحقوق الجنسية والإنجابية وحمايتها من أي انتكاسات، بما في ذلك من خلال إلغاء القوانين التي تجرم هذه الحقوق، وتوفير التمويل اللازم لضمان الوصول إليها بأمان.
وفي نهاية تصريحها، شددت كالامار على ضرورة أن تعترف الدول بالفصل العنصري بين الجنسين كجريمة ضد الإنسانية وفقًا للقانون الدولي، مشيرة إلى أن هذا سيسهم في سد الثغرات القانونية العالمية ويساعد على مكافحة الهيمنة والقمع الممنهج المستمر ضد النساء، ورغم التحديات العديدة، أكدت أن الحركات النسوية لن تتوقف عن النضال من أجل عالم يتمتع فيه الجميع بحقوقهم الكاملة دون تمييز أو خوف من الانتقام.