
وفاء الضاوي.. مسار استثنائي بين المغرب وروسيا
موسكو/ –إعداد: نادية الهاشمي– (ومع)
وفاء الضاوي، التي رأت النور في الدار البيضاء، رحلة سيدة مغربية جريئة ومكافحة، امتد مسارها من شوارع العاصمة المغربية الصاخبة إلى جادات موسكو التاريخية. منذ نعومة أظفارها، كان لديها حب عميق للتميز والسعي نحو التفوق، مدعومة بحكمة والديها.
وصلت وفاء إلى روسيا عام 1993، في فترة كانت فيها الحقبة السوفياتية تعيش أيامها الأخيرة. اتخذت القرار الجريء بدراسة الصحافة، وهو خيار “غريب” في نظر محيطها، لكن شغفها وفضولها اللذان لا يخبوان قاداها إلى الحصول على الماجستير عام 2000، ثم الدكتوراه في الاتصال بعد أربع سنوات.
“الحياة بالنسبة لي هي ساحة معركة. الأفكار الجديدة تولد مشاريع جديدة يجب تحقيقها. أحيانا نفوز بميدالية، وأحيانا نتعرض للإخفاق. لكننا نستمر في المضي قدما”، تقول وفاء في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء.
بالنسبة لها، أصبحت روسيا أرضا حقيقية للتعلم والصمود. هناك صقلت شخصية قوية وقادرة على مواجهة تحديات بلد يمر بتحولات جذرية، بينما ظلت وفية لوعدها العائلي: الحصول على الدكتوراه.
في عام 2007، بدأت مغامرة جديدة. حصلت على منصب مراسلة في قناة تلفزيونية حديثة التأسيس. من خلال تقاريرها التي أنجزتها في جميع أنحاء البلاد، من موسكو إلى سيبيريا المتجمدة، أظهرت قدرة كبيرة على التكيف.
متسلحة بشغفها بالعمل الإعلامي، استطاعت هذه السيدة أن تلتقط جوهر روسيا متعددة الثقافات والمعقدة، مع الحفاظ على تعلق عميق بوطنها المغرب.
اليوم، توازن وفاء الضاوي بين أنشطتها في روسيا والتزاماتها في المغرب. بصفتها مديرة شركة للإنتاج السمعي البصري وفاعلة جمعوية، تعمل على بناء جسور بين البلدين.
علاوة على ذلك، وباعتبارها عضوا نشطا في جمعية “طريق الحرير والأندلس”، التي تعمل على تثمين الأزياء الشرقية والقفطان المغربي، لم تدخر جهدا في الترويج للتراث الغني للمملكة في روسيا خلال الفعاليات المرموقة التي أقيمت في موسكو مثل أسبوع الموضة “مرسيدس بنز”، وقمة “بريكس+” للأزياء.
بالنسبة لوفاء الضاوي، كل مرحلة من مسارها، كل تحد تواجهه، كل اعتراف حصلت عليه، هو لبنة إضافية في بناء هويتها المتعددة الفخورة بها والمنفتحة بعمق على العالم.
اليوم، تعمل هذه الإعلامية متعددة المهام على عدة مشاريع، منها إنشاء جمعية لسيدات الأعمال الروسيات والإفريقيات، وهي مبادرة تهدف إلى جمع سيدات أعمال من روسيا وإفريقيا والمغرب لإنشاء منصة تبادل اقتصادي وتعزيز الفرص لرائدات الأعمال من المناطق الثلاث.
وفي نظر ابنة مدينة الدار البيضاء، “كل مشروع، كل لقاء، هو فرصة لإبراز ثراء ثقافتنا المغربية والدفاع عن قضيتنا الوطنية”.
التزامها بتمكين المرأة المغربية يحتل مكانة خاصة في قلبها. بفخرها بجذورها، تؤكد باستمرار على ذكاء وإبداع المغربيات في جميع أنحاء العالم.
وفي بوحها المتواصل، تقول وفاء الضاوي بفخر “العالم بأسره يعترف بأن المرأة المغربية ذكية وذات مهارات عالية. سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر، فهي تفرض نفسها في جميع المجالات: البحث العلمي، والقضاء، والنقل، والطبخ، والتعليم، والإعلام”.
وتتابع هذه الصحافية التي حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات من زملائها وحتى من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، قائلة: “علينا فقط أن نستمر في تشجيع هؤلاء النساء ومد يد العون للآخرين لإظهار مرة تلو الأخرى للعالم بأسره مدى عظمة المرأة المغربية”.
يوم 8 مارس، اليوم العالمي لحقوق المرأة، له وقع خاص لدى وفاء. “كمية الزهور التي يتم توزيعها في هذا اليوم أثارت إعجابي منذ عامي الأول في موسكو. حتى في المترو أو في الشوارع، يقدم الرجال الزهور لتقدير جهود النساء، سواء في الأسرة أو المجتمع. هذه الالتفاتة، على بساطتها، تعزز مكانة المرأة وتمنحها الشجاعة لمواصلة العطاء”، تقول هذه المرأة التي تواصل، يوما بعد يوم، كتابة قصتها بين الدار البيضاء وموسكو.