
تفاعلا مع الصور التي جرى تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، والتي تظهر شاحنة تابعة لجماعة تيوغزة بسيدي إفني تقوم بتفريغ مساعدات إنسانية أمام منزل يعود للناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، اعتبر العديد من النشطاء أن هذه الممارسات تأتي في وقت تعيش فيه البلاد أوضاعًا اقتصادية صعبة، حيث تكتوي الطبقات الفقيرة والمتوسطة جراء ارتفاع الأسعار الكثيرة من المعاناة. وان هذه الحملات ليست سوى استغلال لمعاناة المواطنين بدلًا من تقديم حلول حقيقية، مما يُعزز الإحساس بعدم الثقة في المؤسسات المنتخبة ويفتح المجال لمزيد من التشكيك في نزاهة العمليات الانتخابية.
وفي هذا الصدد، تسأل الباحث في السياسات المالية والاقتصادية، سليمان صدقي، عن علاقة شاحنات تحمل ترقيم الدولة بحزب أخنوش وعن موقع السلطات العمومية من هذا المسار؟”، مؤكدا، أن ما يجري باقليم سيدي إفني فضيحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وأضاف المتحدث ذاته، في تدوينة له على صفحته على الفايسبوك، “كيف يعقل كون منتخبي دكانين سياسيين (الأحرار والبام) يعلم الجميع ظروف تفريخهما ولأي غرض، الوقوع في هذه الفضائح بدل القيام بالمطلوب منهم، من خلال رسم سياسات عمومية وبلورة مشاريع تنموية قادرة على تحريك عملية التنمية؟ واستثمار مواقعهم الانتخابية ووضعية دكاكينهم للترافع حول قضايا المنطقة، بدل سياسية توزيع الفتات واستغلال الأوضاع الاجتماعية المزرية للفقراء؟”.
وتابع “ألا يعلم هؤلاء أنهم يسيطرون على مجمل مواقع صنع القرار التنموي بالإقليم بنسبة تفوق 98 في المائة، من جماعات ومجلس اقليمي، وزعماؤهم يسيطرون على مواقع صنع القرار المركزي والجهوي (الحكومة والجهة)، وبذلك وضعت الدولة مقدراتها المالية بين أيديهم للاشتغال ووفرت لهم كل سبل الدعم السياسي وأمنت لهم أغلبيات مطلقة على مختلف المستويات، وتقف كل السلطات العمومية لجانبهم، مما تم تجييش جزء من الاعلام لصالحهم….لكن مع الأسف دون نتيجة! بل نتائج تدبيرهم تكاد تكون كارثية، حيث ارتفاع معدلات البطالة لأرقام قياسية غير مسبوقة لا تتحقق إلا في الأزمات، وتواضع مؤشرات التنمية، واختلال توازنات المديونية والميزان التجاري والميزانية العامة..”.
وقال المتحدث نفسه، إن “الجميع يعلم أن الحزب المعني بتوزيع الفتات على فقراء الوطن، تحقق شركات رئيسه في قطاع المحروقات أرباحا خيالية، وفي قطاع الماء نالت شركة الرئيس صفقة تحلية مياه البحر بملايير الدراهم، وفي قطاع الأكسجين تظل شركة السيد الرئيس المهيمن إن لم نقل المحتكرة”.
في السياق ذاته، يتساءل العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عن مدى احترام هذه الأنشطة للقوانين المنظمة للعمل الخيري في المغرب، خاصة القانون 18.18 المتعلق بتنظيم جمع التبرعات وتوزيع المساعدات، الذي ينص على معايير صارمة لضمان الشفافية والمصداقية في هذه العمليات.
يشار في هذا الصدد، أنه من المفروض أن تكون كل المساعدات موثقة، بمصادر تمويل واضحة، مع مراقبة الجهات المسؤولة عن التوزيع، في الوقت الذي جرى فيه في هذه الواقعة، تسجيل حالات تم فيها استخدام وسائل عمومية، كالشاحنات التابعة للجماعات المحلية، في نقل هذه المساعدات، مما يُثير تساؤلات حول العلاقة بين العمل الإحساني والسلطة السياسية، بل والعملية السياسية برمتها لجهة نزاهتها ومصداقيتها.
هذا ضمن سؤال وجهه لوزير الداخلية، تساءل رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، “حول استعمال وسائل عمومية وتوزيع مساعدات لأغراض انتخابوية “، وذلك على خلفية ظهور صور تظهر بها سيارة تابعة لجماعة بإقليم سيدي افني يُعتقد أنها كانت تقوم بتوزيع مساعدات مؤسسة “جود” التابعة لحزب التجمع الوطني للأحرار.
وطالب حزب التقدم والاشتراكية، وزارة الداخلية مباشرة تحقيق في استعمال وسائل عمومية وتوزيع مساعدات لأغراض انتخابوية.
و جاء ذلك في سؤال وجهه رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إلى وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قال فيه انه جرى ” تداول في أوساط الرأيُ العام والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، على نطاقٍ واسع، ما تمَّ تسجيلُ بعضِهِ وتوثيقه بالصورة والصوت، من إقدامِ مؤسسة جود « الذراع الخيري والإحساني للحزب الذي يقود الحكومة » على القيام بعمليات متواترة وكبيرة لتوزيع « مساعداتٍ عينية »، عن طريق شبكةٍ واسعةٍ، تحت يافطة العمل الجمعوي، وأحياناً كثيرة باستغلال وسائل وممتلكات عمومية في نقل وتخزين وتوزيع هذه « المساعدات » التي تُقَدَّمُ تحت شعار التضامن والعمل الخيري.
وكان رد الوزير مثيرا للانتباه على سؤال لصحافي في الموضوع خلال ندوة أعقبت اجتماع المجلس الحكومي حيث قال إن “القضايا ذات الطابع السياسي والتي تبرز في هذه الآونة سوف نجد الفضاء الأمثل للتفاعل معها”.