
للقطع مع الديكتاتورية والاستبداد… مساع لتوحيد المعارضة في تونس
أعلن الحزب الدستوري الحر المعارض عن خارطة طريق سياسية لتوحيد المعارضة لنظام الرئيس قيس سعيد.
و يأتي ذلك في سياق ما تعيشه أحزاب المعارضة في تونس حالة من التشتت، عمقتها المواقف المناهضة للإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس سعيد في 25 يوليو 2021، وأحكم بمقتضاها قبضته على السلطة مع استمرار الملاحقات القضائية والاعتقالات في صفوف قيادات سياسية معارضة.
وقال الحزب الدستوري، إن هذه الخطوة تهدف إلى “توحيد الصفوف واتخاذ مواقف وخطوات مشتركة للقطع نهائيا مع الدكتاتورية والاستبداد والفشل في تحقيق مطالب وطموحات الشعب الاقتصادية والاجتماعية”.
وأضاف بلاغ صادر عن الحزب، الذي توجد رئيسته عبير موسي منذ أكتوبر 2023 في السجن وتواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام، أنه انطلق في “صياغة ميثاق وطني إطاري مشترك لتأسيس منظومة سياسية يعمل فيها الجميع بكلّ أريحية”.
وبخصوص ما احنوته الخطة ووضعته كخارطة الطريق السياسية، قال عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحرّ، ثامر سعد، ل” الحرة” إن هذه المبادرة تعد مشروعا سياسيا جديدا يضم مختلف الأطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني، التي تؤمن بالجمهورية المدنية، والغرض من ذلك تجاوز الصراعات وتوحيد صفوف المعارضة في تونس.
وأضاف، إنه رغم الاختلافات الفكرية لأحزاب المعارضة، فإنه تم التواصل مع عدد من الأحزاب من ضمنها حركة حقّ وحزب الائتلاف الوطني وحزب آفاق تونس والتيار الديمقراطي فضلا عن بعض مكونات المجتمع المدني، بهدف إصدار نصّ دستوري غير قابل للتعديل ولا يدفع إلى حالة عدم الاستقرار السياسي.
وكشف تامر سعد، في الحديث ذاته مع “الحرة” أنه “سيتم قريبا عقد اجتماع مع ممثلي الأحزاب لتلقي مقترحاتهم لتأسيس لجمهورية مدنية ديمقراطية”.
زعيم حزب العمال بتونس حمة الهمامي، صرح بدوره، لموقع “الحرة”، بأن حزبه لم يطّلع بعد على المبادرة السياسية الجديدة لتوحيد المعارضة، مؤكدا أن الحزب سيردّ عليها في “الوقت المناسب”.
وأضاف الهمامي، أن المعارضة في تونس معارضات لكل منها تاريخها ومنطلقاتها ومواقفها وهو أمر طبيعي طالما أنها تعبر عن مصالح مختلفة. ثمة جبهة الخلاص ومحورها حركة النهضة التي حكمت مع قوى أخرى لمدة عشر سنوات وكانت السبب في انقلاب 25 يوليو 2021. وثمة الحزب الدستوري الحر المرتبط بالنظام القديم وهو يعتبر ثورة 2010-2011 الشعبية مؤامرة. وثمة معارضة ديمقراطية تقدمية مشتتة لم تنجح إلى حد الآن في توحيد صفوفها، وفق “الحرة”.
وكان حذر في وقت سابق، لكاتب التونسي حاتم نفطي، من أن تونس تتجه نحو نظام دكتاتوري أكثر سوءا من نظامي الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، حيث بادر إلى التشبث بحالة الاستثناء، وشرع في هدم السلطات القائمة عبر نزع الشرعية عنها، وحلها، بل إنه اعتقل العديد من المعارضين بتهم وهمية، ويواجه عدد منهم خطر الحكم بالإعدام.
وقال نفطي -الذي أصدر كتابا بعنوان “تونس.. نحو شعبوية متسلطة” (Tunisie: Vers un populisme autoritaire)- إن الرئيس سعيّد استلهم بعضا من ممارسات دونالد ترامب في الحكم، حيث يعتقد أن كل ما تعانيه البلاد من مشاكل أصله مؤامرات خارجية وداخلية.
واوضح أن معاناة التونسيين بعد الثورة من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ومن التضخم، ومن الإرهاب، ومن آثار وباء كورونا؛ جعلتهم ينظرون إليه كشخص يؤدي وظيفة “الانتقام” من مشهد سياسي فشل في تحقيق الأفضل للتونسيين طيلة سنوات ما بعد ثورة الياسمين، رغم أنهم لا يؤيدون مشاريعه السياسية كما اتضح في نسبة العزوف القياسي عن المشاركة في الانتخابات التي نظمها.
وتابع نفطي أن تونس كانت تخضع لسيطرة الحزب الواحد، أما الآن فهي تخضع لسيطرة الشخص الواحد الذي يحاول الظهور في كل مشهد، حتى لو كان ضد حكومته.