
الأم في دراما رمضان 2025: تجسيد متنوع لشخصيات متباينة في يومها العالمي
يشهد موسم دراما رمضان 2025 تنوعًا لافتًا في تجسيد شخصية الأم، حيث تأخذ الأمهات أدوارًا تتراوح بين الحنان والتضحية، والقوة والسيطرة، وحتى الشر والكراهية، و يتزامن هذا التنوع مع احتفال العالم بيوم الأم، مما يسلط الضوء على الأشكال المختلفة للأمومة التي تعكس جوانب متعددة من الواقع الاجتماعي والنفسي.
وفي هذا السياق، برزت شخصيات الأمهات في مسلسلات هذا العام بشكل ثري، يعكس طبيعة المرأة الأم في مختلف الظروف.
و تقدم حنان سليمان في مسلسل “وتقابل حبيب” نموذج الأم الطيبة الحنونة، التي تلعب دور الدعم المستمر لابنتيها، حيث تجسد شخصية إلهام، الأم التي توازن بين العطف والتوجيه، وتسعى دائمًا لمصلحة بناتها رغم التحديات، هذا الدور يعكس صورة الأم المثالية التي تحمل على عاتقها مسؤولية حماية أبنائها ودفعهم إلى الطريق الصحيح، حتى في أكثر الأوقات صعوبة.
أما لوسي، فتظهر في مسلسل “فهد البطل” بدور الأم القوية التي استمدت صلابتها من عملها في سوق تجاري تنافسي، إلا أن هذه القوة لم تنتقص من عاطفتها وحرصها الشديد على ابنها الوحيد، و يعكس دورها صورة الأم التي تحمل بداخلها صراعًا بين القوة التي يفرضها المجتمع عليها للحفاظ على مكانتها، وبين الأمومة التي تدفعها للخوف والقلق المستمر على فلذة كبدها، خاصة بعد اختفائه الغامض الذي يحولها إلى محاربة لا تكلّ في البحث عنه.
وفي السياق نفسه، تظهر صفاء الطوخي في “فهد البطل” أيضًا بشخصية الأم المقهورة التي تفقد أبناءها بعد مقتل زوجها، فتخوض رحلة مؤلمة من البحث والتضحية، وتمثل قصتها الوجه الآخر للأمومة التي تُختبر في أقسى الظروف، حيث تضطر للزواج من شقيق زوجها الراحل، ليس بدافع الحب، ولكن في محاولة يائسة لاستعادة أبنائها.
هذه الصورة تبرز جانبًا من معاناة النساء اللواتي يجدن أنفسهن في مواقف قهرية، حيث تتحول الأمومة إلى رحلة نضال من أجل لمّ الشمل وإعادة بناء الأسرة.
على النقيض، تقدم وفاء عامر في مسلسل “الأميرة ظل حيطه” شخصية الأم التقليدية التي تجسد ملامح كثير من الأمهات المصريات، حيث تجمع بين القسوة الظاهرة والنية الطيبة، فهي تحاول فرض سيطرتها على أبنائها بدافع الخوف عليهم، ورغم أنها تبدو صارمة في قراراتها، إلا أن هدفها الأساسي هو حماية أبنائها من مخاطر الحياة، مما يجعلها نموذجًا للأم الحريصة التي تخوض صراعات داخلية بين رغبتها في التحكم ورغبتها في احتضان أبنائها بمشاعر صافية.
أما سلوى عثمان، فتجسد في “سيد الناس” نموذج الأم المغلوبة على أمرها، التي تجد نفسها مضطرة للعيش في منزل ابنها دون أن يكشف له أحد عن هويتها الحقيقية، تنفيذًا لرغبة والده، هذا الدور يبرز معاناة الأمهات اللواتي يُحرمن من حقهن في إعلان أمومتهن لأسباب اجتماعية أو عائلية، ويعكس مشاعر الفقد والاشتياق إلى علاقة طبيعية بين الأم وابنها، حتى وإن كانا يعيشان تحت سقف واحد.
في المقابل، تأخذ أنوشكا شخصية الأم المتسلطة في “وتقابل حبيب” ، حيث تلعب دور المرأة التي تفرض سيطرتها المطلقة على أبنائها، حتى بعد زواجهم، وتمسك بزمام الأمور داخل العائلة، دون السماح لأحد بتحدي قراراتها، تعكس هذه الشخصية جانبًا آخر من الأمومة التي تتحول إلى تحكم مفرط، حيث لا تقبل الأم التنازل عن دور القائدة، ولو على حساب راحة وسعادة أبنائها.
أما الوجه الأكثر قسوة للأمومة، فتجسده إلهام شاهين في “سيد الناس” ، حيث تقدم شخصية اعتماد الهواري، المرأة الحاقدة التي لا تحمل أي مشاعر حقيقية تجاه ابن زوجها، بل تضمر له الكراهية وتسعى لإيذائه بكل الطرق، هذه الشخصية تمثل النقيض التام لصورة الأم الحنونة، حيث تتحول إلى مصدر للأذى والشر، ما يعكس واقعًا مؤلمًا لبعض الأبناء الذين يجدون أنفسهم في مواجهة مع أمهات بديلات بلا قلب.
وفي مسلسل “حسبة عمري” ، تأتي روجينا بصورة الأم العصبية والمتوترة، التي تحمل على عاتقها ضغوط الحياة ومسؤولية حماية أبنائها بأي ثمن، و تجسد هذه الشخصية الأم التي تعاني من القلق الدائم والخوف المفرط على مستقبل أبنائها، مما يجعلها في حالة دائمة من التوتر والغضب، وهو ما يعكس واقع العديد من الأمهات اللواتي يجدن أنفسهن مضطرات للعب أدوار متعددة في ظل ضغوط الحياة اليومية.
من خلال هذه النماذج المتنوعة، يبرز موسم دراما رمضان 2025 صورة متعددة الأبعاد للأم، حيث تتراوح شخصيات الأمهات بين الحب المطلق، والقهر، والصلابة، وحتى الأنانية والقسوة، و يعكس هذا التنوع واقعًا اجتماعيًا معقدًا، يؤكد أن الأم ليست مجرد رمز للحنان فقط، بل هي كيان إنساني يحمل في داخله مشاعر متناقضة، تتشكل بفعل الظروف والتجارب الحياتية المختلفة.
في يومها العالمي، تحتفي الدراما بهذا الكائن الاستثنائي عبر مرآة تعكس ملامح متعددة للأمومة، تجعل المشاهد يعيد التفكير في الدور الذي تلعبه الأم في حياته، سواء كان ذلك بحبها أو بسطوتها أو حتى بألمها.