
أعلن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن الممارسة أثبتت من خلال الإحصائيات المقدمة، بأن جزءا مهما من الوشايات التي تتوصل بها الشرطة القضائية والنيابات العامة تفضي الأبحاث بشأنها إلى كشف أفعال مخالفة للقانون، إلا أنه في حالات أخرى تبقى كيدية عديمة الأثر وتكون الغاية منها الإيقاع بأشخاص وتعريضهم لمضايقات جراء إجراءات البحث معهم والمس بسمعتهم.
جاء ذلك في جواب كتابي عن سؤال وجه لوزير العدل يتعلق ب“السبل الكفيلة للحد من الشكايات الكيدية”، حيث أكد الوزير، أن موضوع الشكايات أو الوشايات الكاذبة هو محط اهتمام وزارة العدل، ولهذه الغاية فإن مشروع قانون المسطرة الجنائية قد تضمن عدة مستجدات وتعديلات بهذا الخصوص، تهدف بالأساس إلى تقييد إجراءات البحث الجنائي من خلال تخويل النيابة العامة إمكانية القيام بالتحريات الأولية قصد التأكد من جدية الشكاية أو الوشاية مجهولة المصدر وذلك قبل مباشرة الأبحاث بشأنها، تفاديا لكثرة تقديم الشكايات أو الوشايات المجهولة وكذا الحد من حالاتها الكيدية.
وأضاف الوزير، أن التبليغ عن وقوع جريمة ما، ليس مقصورا على من كان ضحية لهذه الجريمة فحسب، بل إن فكرة التضامن الاجتماعي، وكذا خدمة العدالة، تجعلان على عاتق كل فرد في المجتمع واجبا بالتبليغ عن وقوع فعل يعتبر جريمة بحكم القانون (الفصلان 209 و 299 من مجموعة القانون الجنائي)، لذلك فالامتناع عن التبليغ هو عمل سلبي، يعد فعلا مجرما قانونا.
وتابع أنه “إذا كان الحق في التشكي مرخصا به لكل فرد فإن التعسف في استعماله، نتيجة عدم التروي وعدم التبصر، أو نتيجة العلم بكذب الواقعة المشتكى من أجلها أو المبلغ عنها، قد يؤدي إلى المساءلة”.
وأوضج أن المشرع المغربي جرم الوشاية الكاذبة بموجب الفصل 445 من مجموعة القانون الجنائي وعاقب عليها بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة مالية من مائتين إلى ألف درهم، وعلاوة على ذلك، أجاز للمحكمة أن تأمر بنشر حكمها كله أو بعضه في صحيفة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه.
وأفاد الوزير، اشترط المشرع ضرورة توفر مجموعة من العناصر تتمثل أساسا في صدور فعل مادي بالتبليغ، وأن يكون التبليغ تلقائيا، وأن يكون هذا البلاغ كاذبا، وأن يكون موجها ضد شخص أو عدة أشخاص إلى جانب ضرورة تضمن إسناد فعل يستوجب عقوبة زجرية أو إدارية أن يوجه إلى أشخاص أو هيئات محددة قانونا، بحسب الجواب الكتابي.
وأشار أن المشرع ألزم المحكمة التي ترفع لها الدعوى طبقا للفصل 445 من القانون الجنائي بوقف النظر في البلاغ الكاذب إذا كانت المتابعة عن الواقعة المبلغ بها لازالت جارية، حفاظا على قرينة البراءة وتعزيزا لشروط المحاكمة العادلة.
وبخصوص الجانب الإجرائي، نظمت المادتان 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية الوشاية والشكاية كآلية للإبلاغ، ويمكن أن تتخذ النيابة العامة بشأنها ما تراه ملائما وذلك بالحفظ في حالة ثبوت عدم جديتها، أو تحريك المتابعة في حالة ما إذا أسفر البحث عن ثبوت فعل جرمي معين، مع وضع ضوابط قانونية للحد من الشكايات الكيدية والحفاظ على قرينة البراءة، وفق الوزير.