“حقي محبوس في الحبوس” حملة توعوية للنساء لتسليط الضوء على أحد أشكال التمييز التي تعاني منها النساء المغربيات
25/03/2025
0
تحرير: جيهان مشكور
تستمر الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب في حملتها التوعوية المتميزة عبر منصات الشبكات الاجتماعية تحت شعار “في الحبوس، حقي محبوس”، وذلك حتى 29 مارس الجاري، وتهدف الحملة إلى تسليط الضوء على أحد أشكال التمييز التي تعاني منها النساء في المغرب، تحديدًا في إطار نظام الوقف العائلي/المعقب، الذي يعكس واقعًا اقتصاديًا يعامل النساء بشكل غير عادل، وهو نظام لا يزال يعرضهن لاستبعاد غير مبرر من حقوقهن في ملكية الأراضي والعقارات، ويمنعهن من المشاركة الكاملة في استفادة الأسر من عائدات الأوقاف.
يأتي هذا التحرك، و المغرب لديه دستور 2011، حيث ينص بشكل صريح على المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، ويؤكد على سمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب على القوانين المحلية. إلا أن واقع الحال لا يعكس هذه المبادئ التي كفلها الدستور، بل يظهر عجز الإطار القانوني والمؤسساتي في الكثير من الأحيان عن ضمان هذه المساواة، خاصة عندما يتعلق الأمر بحقوق النساء في التحكم في موارد الأرض والعقار، وهي حقوق تعتبر من القضايا الأساسية التي تقف حاجزًا أمام تقدم النساء في المجتمع.
ورغم ما تم إقراره في مدونة الأوقاف سنة 2010 من إصلاحات قانونية تهدف إلى تقليص التمييز ضد النساء في مجال الوقف، إلا أن نظام الوقف المعقب لا يزال يحتوي على العديد من أوجه التمييز، والتي تترسخ في كيفية توزيع العائدات بين أفراد الأسرة. حيث يُستبعد العديد من النساء، وأحيانًا يتم حرمانهن بالكامل من الاستفادة من هذه العائدات التي تشكل مصدرًا اقتصاديًا هامًا.
وقد قامت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بإجراء دراسة معمقة حول “الوقف المعقب والتمييز المبني على النوع الاجتماعي” في جهة مراكش-آسفي، بهدف توضيح الأبعاد العميقة لهذه القضية الاجتماعية والاقتصادية، فيما سلطت الدراسة الضوء على الأثر السلبي لنظام الوقف المعقب على النساء، من خلال تقديم معطيات تحليلية تسهم في فهم واقع التمييز الذي يعيشه النساء في هذا المجال، حيث يُحرم العديد منهن من المساواة في التمتع بحقوقهن الاقتصادية.
على ضوء هذه المعطيات، قدمت الجمعية عدة توصيات للإصلاحات القانونية والهيكلية التي يمكن أن تساهم في تصحيح هذا الوضع، وقد شملت الحملة التوعوية مجموعة من الأنشطة المختلفة، منها اللقاءات الصحفية، الندوات المجتمعية، والحوار مع البرلمانيين في جهة مراكش-آسفي، بالإضافة إلى ورشات تكوينية تهدف إلى رفع الوعي بين النساء المتضررات، وتعزيز قدراتهن في مواجهة هذه التحديات القانونية والاجتماعية. الحملة لم تقتصر على المساهمة في نشر المعرفة فقط، بل تهدف أيضًا إلى دفع عجلة التغيير في هذا المجال من خلال الضغط على صناع القرار والمساهمة الفعالة في إيجاد حلول عملية.
وتؤكد مارية الزويني، إحدى ممثلات الجمعية، في تصريح لها، أن النساء في المغرب قد حققن نجاحات كبيرة في العديد من المجالات، بدءًا من التعليم ووصولًا إلى القطاع المهني، كما تشير الإحصائيات رسمية إلى أن النساء يتصدرن قائمة المتفوقين في مختلف الامتحانات، كما أثبتت النساء المغربيات قدرة هائلة على تولي المناصب القيادية، مثل رئاسة الطائرات، إدارة المؤسسات التعليمية العليا، والبحث في مجالات علمية متقدمة مثل الفضاء، لكن رغم هذه النجاحات، تبقى النساء مغيبات في العديد من مراكز اتخاذ القرار، لا سيما في المجال السياسي.
تشير الزويني إلى أن هذا التناقض في الدور الاجتماعي للمرأة يعود في جزء كبير منه إلى العقلية الذكورية التي ما زالت تسود في المجتمع، وتعزز من تقليص مكانتها داخل الأسرة، مما يؤدي إلى تقوقعها في إطار الأدوار التقليدية المرسومة لها.
تعزز هذه العقلية بدورها من فكرة أن الزواج هو الهدف النهائي للمرأة، مما يجعلها تتخلى عن طموحاتها المهنية أو التعليمية.
وتضيف الزويني موضحة أن القوانين الحالية، التي لا تزال تحمل بعض أوجه التمييز ضد النساء، تتناقض مع ما ينص عليه الدستور المغربي، وتنافي التزامات المغرب بالمواثيق الدولية المتعلقة بالمساواة، و يُبقى هذا الواقع المغرب في مؤخرة التصنيفات العالمية المتعلقة بالتنمية المستدامة ويحد من تقدم المرأة على كافة الأصعدة.
من خلال هذه الحملة، تسعى الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إلى تغيير هذه الصورة السلبية، وإلى كسر الحواجز التي تحول دون تمتع النساء بكامل حقوقهن القانونية والاقتصادية، بما يسهم في تحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين في جميع المجالات.