الرئسيةثقافة وفنون

دراما رمضان: أعمال سقطت من حسابات الجمهور وأخرى تصدرت المشهد

تحرير: جيهان مشكور

مع حلول شهر رمضان، تدخل القنوات التلفزيونية سباقًا محمومًا لاستقطاب المشاهدين، حيث تتنافس الأعمال الدرامية والكوميدية على حجز مكانها في قائمة الأكثر مشاهدة، إلا أن هذه المنافسة لا تضمن بالضرورة نجاح جميع الإنتاجات، فقد وجد بعض المسلسلات طريقها إلى قلوب الجمهور وخلقت نقاشات واسعة، في حين خابت آمال أخرى وسقطت من حسابات المتابعين، إما بسبب ضعف السيناريو، أو غياب التشويق، أو حتى لعوامل تتعلق بضعف الترويج والتفاعل الجماهيري.

في القناة الأولى، لم يتمكن مسلسل “أنا وياك”، الذي أخرجه مراد الخودي، من تحقيق حضور قوي على الساحة الرمضانية.، و رغم توفره على قصة تجمع بين الدراما والكوميديا، حيث تدور الأحداث حول فتاتين تكتشفان، بعد وفاة والدهما، أنهما أختان غير شقيقتين، ما يفرض عليهما التعايش لإدارة الإرث المشترك، إلا أن هذا الطرح لم يكن كافيًا لجذب اهتمام الجمهور، فضعف التفاعل مع العمل على منصات التواصل الاجتماعي كان مؤشرًا واضحًا على أنه لم يفلح في إثارة الفضول، حتى مع مشاركة أسماء فنية من مثل دنيا بوطازوت، عزيز داداس، عبد الله ديدان، وفضيلة بنموسى.

ورغم أن هذه الأسماء لها تاريخ ناجح في الدراما المغربية، إلا أن المتابعين فضلوا التوجه نحو أعمال أخرى، مما جعل هذا المسلسل يتذيل ترتيب نسب المشاهدة مقارنة بمسلسلات أخرى كـ “جرح قديم” الذي نجح في خلق تفاعل أوسع.

فيما لم يكن “أنا وياك” الوحيد الذي عجز عن فرض نفسه في موسم رمضان، فمسلسل “الشرقي والغربي” للمخرج شوقي العوفير، المعروض على القناة الثانية، لم يتمكن بدوره من تحقيق زخم جماهيري قوي، رغم مشاركة ممثلين لهم شعبية كبيرة مثل عبد الله ديدان، عزيز حطاب، نورا الصقلي، نسرين الراضي، وحنان إبراهيمي، إلا أن حبكته التي تتمحور حول صراع بين عائلتين يعادي بعضهما البعض، لكن أبناءهما يقعان في الحب، لم تأتِ بالجديد، ولم تنجح في إثارة اهتمام المشاهدين، و انعكس هذا الفتور في ضعف تداول مقاطع المسلسل على مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت كانت فيه أعمال أخرى تحقق نسب مشاهدات قياسية وتحتل صدارة التريند.

أما مسلسل “يوم ملقاك” ، فقد انطلق بقوة في حلقاته الأولى وحظي بتفاعل كبير، حيث أعجب الجمهور بقصته التي تسلط الضوء على رحلة فتاة تقاوم المصاعب لتحقيق ذاتها، لكنه سرعان ما فقد بريقه أمام منافسة محتدمة من مسلسلات أخرى، خاصة بعد أن خطف منه مسلسل “رحمة” الأضواء.

هذا الأخير، الذي يُعرض على قناة “إم بي سي5” ومنصة “شاهد”، استطاع جذب المشاهدين بقصته الدرامية التي تحكي معاناة أم مغربية تضحي من أجل أطفالها بعد أن تخلى عنهم والدهم، كان تفاعل الجمهور مع هذا العمل واضحًا من خلال حجم المشاهدات العالية التي حققها، والانتشار الواسع لمقاطع منه على منصات التواصل، فيما نجاح “رحمة” لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة حبكة درامية مشوقة وأداء متميز لنجومه، وعلى رأسهم منى فتو، عبد الله ديدان، كريمة غيث، وفرح الفاسي.

في القناة الثانية، أثار مسلسل “الدم المشروك” جدلًا كبيرًا، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبره عملًا مختلفًا يستحق المشاهدة، وبين من رأى أن طابعه “المصري” لا يتناسب مع طبيعة الدراما المغربية، و رغم هذا الجدل، استطاع العمل أن يحقق نسب مشاهدة مرتفعة، سواء على شاشة التلفزيون أو عبر منصة “يوتيوب”، حيث ينقل قصة ثلاث أخوات، إحداهن من أب مختلف، يتصارعن حول إدارة مشروع عائلي، بفضل حبكته غير التقليدية جذب العمل الانتباه ، إضافة إلى مشاركة ممثلين بارزين مثل دنيا بوطازوت، عبد الله ديدان، محمد الخياري، مريم الزعيمي، وساندية تاج الدين.

في ذات السياق، استطاع مسلسل “جرح قديم” في القناة الأولى، أن يجد مكانًا له بين الأعمال الأكثر متابعة، وذلك بفضل قصته التي تتمحور حول امرأة تعود من الغربة بهدف الانتقام من عائلة تآمرت عليها في الماضي، عنصر الإثارة النفسية، إلى جانب تناول مواضيع حساسة مثل استغلال الأطفال في أعمال السحر والشعوذة، حيث ساهم في خلق تفاعل واسع مع المسلسل، مشاركة أسماء مثل عزيز داداس، نادية آيت، ماجدولين الإدريسي، وعادل أبا تراب، زادت من جاذبيته، خاصة أن الحلقات تنتهي دائمًا بمشاهد تثير فضول الجمهور، مما يدفعه لمتابعة التطورات بشغف.

على مستوى الكوميديا، لم يكن هذا الموسم موفقًا، إذ بدا واضحًا أن المشاهد المغربي لم يعد يتقبل “السيتكومات” التي تعتمد على كوميديا خفيفة و سطحية، من بين الأعمال التي لم تحقق النجاح المتوقع سلسلة “فيها خير” لعبد الله فركوس، والتي لم تستطع استقطاب اهتمام المشاهدين، خلافًا لسلاسل كوميدية سابقة مثل “ولاد يزة” و”مبروك علينا” ، اللذين رغم الانتقادات التي طالت بعض جوانبهما، تمكنا من تحقيق تفاعل أكبر.

عكس المواسم الرمضانية السابقة، أظهرت المعطيات الحالية أن الجمهور المغربي أصبح أكثر انتقائية، ولم يعد ينجذب فقط للأسماء اللامعة، بل يبحث عن قصص مشوقة وسيناريوهات متماسكة قادرة على خلق التشويق والإثارة، و بعض المسلسلات وجدت طريقها إلى النجاح بفضل حبكات قوية أو إثارة للجدل، في حين فشلت أخرى في مجاراة التوقعات، مما جعلها تتراجع إلى الظل دون أن تترك أثرًا يذكر في الذاكرة الجماعية للمشاهدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى