اقتصادالرئسية

الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تنامي عمليات شراء الذهب.. استخدام المجوهرات في تبييض الأموال

في إطار التصدي لظاهرة غسل الأموال وتفادي تمويل الأنشطة غير القانونية، أبدت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية اهتمامًا خاصًا في الآونة الأخيرة بتحقيقات تتعلق بزيادة غير طبيعية في عمليات شراء الحلي الذهبية في مختلف مناطق المملكة، وهو ما رافقه ارتفاع ملحوظ في أسعار الذهب.

تزامن هذا الاهتمام مع إشعارات تلقتها الهيئة من عدد من تجار المجوهرات الذين لاحظوا تزايدًا غير اعتيادي في الطلب على الذهب والألماس خلال الأشهر الماضية، دفعت هذه التحركات الهيئة إلى اتخاذ خطوات عملية لضبط الوضع، بدءًا من تنظيم لقاءات مع إدارة الجمارك ومهنيي القطاع، حيث تم التأكيد على ضرورة التحلي باليقظة والإبلاغ عن أي معاملات مشبوهة، وذلك في إطار التزامهم بالقوانين المعمول بها.

وحسب مصادر مطلعة، فقد تلقت الهيئة تقارير من عدد من محلات المجوهرات المنتشرة في مدن مثل طنجة والحسيمة وفاس والدار البيضاء، مشيرة إلى عمليات شراء غير تقليدية لكميات ضخمة من الذهب والألماس، التي قدرت قيمتها الإجمالية بنحو 1.3 مليار سنتيم.
فيما أثارت هذه الإشعارات اهتمام المحققين الذين شرعوا في تحليل البيانات والاطلاع على تفاصيل العمليات التجارية المبلغ عنها، لتكشف التحقيقات الأولية عن وجود صلة واضحة بين بعض هذه العمليات المبلغ عنها في المدن المذكورة، ما أثار شبهة وجود شبكة من الأشخاص الذين اتفقوا على شراء هذه الكميات الكبيرة من الذهب.

ومن بين التحليلات التي تم التوصل إليها، تبين أن بعض الأشخاص المتورطين في هذه العمليات هم من الشخصيات ذات النفوذ المالي المشبوه، مثل أباطرة المخدرات وأصحاب الأموال غير المشروعة، حيث يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى شراء الذهب وتخزينه في خزائن فولاذية كوسيلة لحفظ أموالهم بعيدًا عن الأنظار، قبل أن يتم بيعها لاحقًا وتحويلها إلى سيولة نقدية عند الحاجة، و تستهدف هذه العمليات تضليل الرقابة المالية الرسمية، وتحقيق سيولة في بيئة صارمة رقابيًا، مما يعزز من احتمالية أن يكون هذا النشاط جزءًا من استراتيجية غسل الأموال.

وفي السياق ذاته، أظهرت التحقيقات أن بعض محترفي غسل الأموال أصبحوا يوظفون أساليب متطورة، تشمل الاستعانة بخبراء في تزوير الوثائق، وذلك بغرض إضفاء شرعية قانونية على معاملاتهم المالية المشبوهة، ومع تشديد الرقابة على بعض القطاعات الحيوية مثل العقارات، أضحى الذهب بديلاً مثاليًا للمجرمين الذين يسعون إلى إخفاء أموالهم غير المشروعة بعيدًا عن الأنظار.

واستمرارًا في تحقيقاتها، تواصل الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تدقيقها في هذه العمليات، حيث تسعى إلى تحديد المصادر الأصلية للأموال التي تم استخدامها في شراء هذه الكميات الكبيرة من الذهب، وكذلك الكشف عن الروابط بين الأطراف المتورطة في هذه الشبكات المحتملة. ويعكس هذا الاهتمام المتزايد أهمية قطاع المجوهرات باعتباره أحد الوجهات المفضلة لغسل الأموال، خاصة وأن العديد من العاملين في هذا القطاع قد لا يكون لديهم الإلمام الكافي بالتشريعات القانونية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يعرضهم في بعض الأحيان لخطر التورط في معاملات مشبوهة دون تدقيق كاف في مصدر الأموال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى