الرئسيةسياسة

دراسة…الصيد البحري في المغرب، الثروة المهدورة

قالت جمعية أطاك المغرب، إنه بات من الثابت أن المغرب بلد غير مُكتف غذائيا بالنسبة للمواد الغذائية التي يتركز عليها النظام الغذائي لسكانه، فهو يستورد معظم حاجياته من الحبوب؛ كالشعير والذرة والقمح الطري والقمح الصلب.

جاء ذلك في دراسة حديثة لاطاك،  تحت عنوان ” الصيد البحري في المغرب: ثروة مهدورة”؛يث أكدت أن كلفة استيرااد المغرب معظم حاجياته الغذائية، تساهم  في مفاقمة عجز الميزان التجاري الغذائي، أما صادراته الفلاحية، المشكلة أساسا من الحوامض والطماطم، فلا تساهم في تغطية الواردات الفلاحية إلا بحصة تقل عن 50%، ويعبر ذلك عن تبعية غذائية محتدة.

وأضافت أطاك في تقديم هذه الدراسة، أن احتداد هذه التبعية مع توسع الاستثمارات الرأسمالية الكبيرة في الزراعات التصديرية المتركزة في المحاور السقوية الكبرى بحفز من السياسة الفلاحية التي ركزت، لاسيما منذ الثمانينات، على تسريع وثيرة الصادرات الفلاحية، وفي مقابل تقديم مختلف الحوافز المغرية لمصدري منتجات الزراعة الكثيفة التصديرية (حوامض وطماطم)، استهدفت السياسات النيوليبرالية تهميش زراعات الحبوب والقطاني المشكلة للحصة الأكبر من مجموع الأراضي الصالحة للزراعة.

و تابعت أنه، وفي ظل سوق مفتوحة أمام المنافسة الحرة، أرهق الفلاحون الصغار بسيطرة المنتجات الزراعية للرأسمال الكبير(المحلي أو الأجنبي) ذات الإنتاجية العالية والمدعمة بمختلف الحوافز.

واكدت الجمعية،  أنه إذا كانت التبعية الغذائية تفسر، بالنسبة للقطاع الفلاحي، عدم كفاية كمية الأغذية المنتجة لتلبية الحاجيات الغذائية الداخلية للسكان، فإن الأمر مختلف جذريا بقطاع الصيد البحري الذي يعد المصدر الثاني للغذاء، فلا ندرة، ولا قلة للأغذية السمكية، بل بالعكس، كمية هائلة وفائضة من الأسماك تجنى كمحصول سنوي يفوق الاحتياجات الغذائية للسكان بأضعاف، ورغم ذلك يسود ويا للمفارقة، عوز غذائي يحصد ضحايا كثر ضمن قسم واسع من السكان.

وأضاف المصدر ذاته، أنه وعوضا أن يظل السمك موردا غذائيا طبيعيا يشترك الصيادون والبحارة والمستهلكون المحليون في حقوق صيده واستهلاكه، تحول إلى سلعة متداولة أكثر في التجارة الخارجية، بحيث لا نجد أي مورد غذائي محلي يصدر بمثل هذه الكثافة. ولعل هذا نتيجة مباشرة وحتمية لسياسة الصيد البحري التي وجهت الصيد ببلادنا نحو التصدير الكثيف للأسماك. واليوم هناك حاجة ملحة لوضع حصيلة إجمالية لهذه السياسة من منظور السيادة الغذائية، والحفاظ على البيئة البحرية، والتوزيع العادل لمداخيل الموارد السمكية.

وأوضحت الدراسة أن سياسة الصيد البحري الحالية عقبة رئيسية في وجه تملك أغلبية الشعب المغربي لثرواته البحرية، حيث بتنا نتجرع اليوم عواقبها المباشرة الكارثية على أحوال البحارة، وأحوال أنظمتنا البيئية البحرية، ونلمس إسهامها في لاعدالة غذائية على مستوى استهلاك السمك؛ حيث يظهر النقص الغذائي، في ظل الوفرة السمكية.

واشارت الدراسة، أنه إذا كان الصيد المفرط والمستنزف للمخزونات السمكية، أحد الأوجه الملازمة لسياسة التصدير المكثف، فإن مساهمته في الأزمة البيئية البحرية ثابتة. لكن، بجانب عامل الصيد المفرط، نجد عاملين آخرين يفاقمان الإضرار بالبيئة والمخزونات البحرية: فهناك عامل عواقب الاحترار المناخي الذي يؤدي إلى ارتفاع حرارة البحار والمحيطات، ويضغط على التوازنات الفيزيائية والكيميائية للأنظمة البيئية البحرية، التي ترتهن بها حياة الكائنات البحرية.

وهناك أيضا تضيف الدراسة، عامل رمي النفايات السائلة للنشاط الزراعي الكثيف، والمعامل الصناعية في المياه البحرية. ما يُسهِمُ في تدمير المنظومات البيئية للسواحل المغربية. معتبرة ان هذه العوامل الثلاثة مجتمعة مسؤولة عن الأزمة البيئية البحرية التي نلمس عواقبها في تهديد المخزونات السمكية، و التنوع الإحيائي البحري بمجمله، مشيرة بهذا الصدد، إلى حدوث أفضى استنزاف المصايد ما نتج عنه انهيار مخزونات الرخويات، وهو الآن بصدد تهديد مخزونات الأسماك السطحية الصغيرة نفسها، التي شكلت دوما الحصة الأكبر ضمن المحاصيل المصطادة.

و اعتبرت الدراسة، أنه ولكي يبرر برنامج أليوتيس رفع وثيرة سياسة نهب وسلب الغذاء السمكي، والإضرار بالبيئة البحرية، تبنى استراتيجية لتنمية تربية الأحياء البحرية، إن هذه الاستراتيجية، تؤكد الدراسة، تشكل تهديدا إضافيا مباشرا للبيئة البحرية بالسواحل المغربية.

وتنتهي  هذه الدراسة بتناول اتفاقيات الصيد البحري، التي يبرمها المغرب مع القوى الإمبريالية، حيث تركز على تلك المبرمة مع الاتحاد الأوربي نموذجا لنظام الهيمنة المفروض على بلدنا، ضمن المنظور الاستعماري القديم نفسه؛ حيث، تشير الدراسة، أنه يجري تسخير الثروات الطبيعية للمغرب لخدمة المركز الرأسمالي المسيطر، إذ تقدر المحاصيل السنوية التي يصطادها أسطول الاتحاد الأوربي كل سنة بمئات الآلاف من الأطنان. وبذلك تشكل هذه الاتفاقيات جزءا من نظام سلب وهدر الغذاء السمكي الذي حللته وعرضت عواقبه الدراسة. وإذن، فلا سيادة غذائية ولا عدالة ولا حفاظ على أنظمتنا البحرية دون القطع مع هذه الاتفاقيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى