الرئسيةسياسة

كفى من حماية الكبار: دعوات لتحقيقات جدية في قضايا الفساد الكبرى

تثير قضايا الفساد الكبرى في المغرب جدلاً واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، حيث تظل ملفات فساد ضخمة بعيدة عن التحقيقات الجادة، رغم المطالب الملحة للكشف عن ملابساتها.

وفي هذا السياق، وجه الحقوقي محمد الغلوسي انتقادات لاذعة للجهات المعنية، معتبرًا أن “الفراقشية الكبار” الذين استغلوا الأزمة ووظفوا المال العام، في مراكمة أرباحا خيالية، و لم تتم مساءلتهم حتى الآن، و البرلمان، الذي تهيمن عليه الحكومة، لم يسعى إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق أو استطلاع بشأن حجم الأموال التي وُجهت لدعم مستوردين معينين.

ازدواجية في تطبيق القانون؟

يؤكد الغلوسي أن التعامل مع قضايا الفساد يتسم بازدواجية واضحة؛ فبينما تتحرك المساطر القانونية بسرعة ضد الصحافيين والمدونين والنشطاء الحقوقيين، فإن القضايا التي تتعلق بالكبار ممن يملكون النفوذ السياسي والمالي، لا تجد نفس الصرامة في المتابعة، ويبرز في هذا السياق التصريحات المنسوبة للنيابة العامة، التي نفت وجود أي بحث قضائي حول هذه الفضيحة، وهو أمر غير معتاد في قضايا مماثلة.

يطالب الفاعل الحقوقي وفي قضايا محاربة الفساد، الغلوسي في تدوينته، النيابة العامة إلى فتح تحقيق موسع للكشف عن شبهات تبديد واختلاس الأموال العمومية، مشيرًا إلى أن حجم المبالغ المعنية ضخم جدًا، وهو ما يستوجب تحركًا جديًا لحماية المال العام، ويضيف أن الدعم الحكومي والإعفاء من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة كان يفترض أن يؤدي إلى تخفيض أسعار اللحوم، إلا أن ذلك لم يتحقق، ما يثير الشكوك حول طرق تدبير هذه الأموال.

كما يستحضر الغلوسي قضايا فساد كبرى أخرى لم تعرف المحاسبة، مثل البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم الذي أُهدرت فيه 44 مليار درهم، فضيحة تذاكر المونديال، صفقات وزارة الصحة، ملف المحروقات وقضية 17 مليار، فضلاً عن هدر 22 مليار درهم في إصلاح مركب محمد الخامس. ويرى أن قضية هدر 113 مليار درهم من قبل مستوردين، من بينهم برلمانيون، ليست سوى امتدادًا لسلسلة طويلة من الفضائح التي لم يُفتح فيها تحقيق جاد.

وفي نفس السياق، يطرح الغلوسي تساؤلاً جوهريًا حول مدى تحقق مبدأ المساواة أمام القانون، حيث يشير إلى المادة السادسة من الدستور التي تنص على أن “الناس سواسية أمام القانون”، إلا أن الواقع يشير إلى أن العدالة تُطبق بانتقائية، حيث يظل “الكبار” بعيدين عن المساءلة، فيما تطبق القوانين بصرامة على الفئات الأخرى.

و تظل قضية مكافحة الفساد في المغرب رهينة بإرادة سياسية وقضائية قوية، تضمن عدم إفلات أي شخص من العقاب، بغض النظر عن مكانته.

هذا وفيما يطالب الرأي العام بتحقيقات شفافة ومحاكمات عادلة، يبقى السؤال معلقًا: هل ستتحرك الجهات المعنية لإنصاف المغاربة وكشف الحقيقة، أم أن قضايا الفساد الكبرى ستظل طي النسيان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى